اسم الکتاب : المدارس النحوية المؤلف : شوقي ضيف الجزء : 1 صفحة : 260
عطف البيان ومتبوعه قد يكونان نكرتين، وقد استدلوا بمثل قوله جل شأنه: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} وقوله: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} وكان البصريون يؤولون مثل ذلك على أنه بدل ذاهبين إلى أن عطف البيان ينبغي أن يكون دائما معرفة[1]. وذهب البصريون إلى أن لو شرطية دائما، بينما ذهب الفراء -وتابعه أبو علي- إلى أنها قد تكون حرفا مصدريا بمنزلة أنْ إلا أنها لا تنصب، وأكثر وقوع ذلك بعد ود ويود مثل: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} و {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} وقال البصريون: إنها في مثل ذلك شرطية وإن مفعول {يَوَدُّ} وجواب {لَوْ} محذوف، والتقدير: يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة لسره ذلك. ويقول ابن هشام: لا خفاء بما في هذا التقدير من التكلف[2]. وكان يجيز -مثل الكوفيين- إعمال الضمير العائد على المصدر في الظرف مثل: "قيامك أمسِ حسن وهو اليوم قبيح" فهو عنده تعمل في اليوم عمل المصدر العائدة عليه[3]. وتابعهم في أن "أو" تأتي للإضراب مطلقا بدون اشتراط تقدم نفي أو نهي كما اشترط سيبويه، محتجا بقول جرير:
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أُحْصِ عدتهم إلا بعداد؟
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي4
ومما تابعهم فيه أن الباء الجارَّة قد تأتي بمعنى التبعيض مثل قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} , وقوله: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [5]. وكان سيبويه يذهب إلى أن خلا إذا تقدمتها ما كانت فعلا، وذهب الكسائي وتبعه أبو علي الفارسي، إلى أنها قد تكون حرف جر وما زائدة[6].
وليس كل ما يشكِّل بغدادية أبي علي أنه كان ينتخب لنفسه من المذهبين [1] الهمع 2/ 121. [2] المغني ص294. [3] الخصائص 2/ 19, وانظر الهامش.
4 المغني ص67. [5] المغني ص111. [6] المغني ص142, ومما تابع فيه الكوفيين أن من حروف النصب للمضارع كما بمعنى كيما "الهمع 2/ 6, والمغني ص193" ومر بنا أن الكسائي كان يرى في مثل: قام وقعد محمد أن فاعل الفعل الأول محذوف ولا فاعل، وقد استضاء بذلك الفارسي فذهب إلى أن قلما في مثل: قلما ينظر محمد لا فاعل لها, وكأن الفعل أجري مجرى حرف النفي, ومثلها كان المزيدة في مثل: أنت تكون ماجد نبيل "المغني ص750، والهمع 1/ 120".
اسم الکتاب : المدارس النحوية المؤلف : شوقي ضيف الجزء : 1 صفحة : 260