ويمكن القول بأن مدح الفرزدق للنبي وأهله هو بداية الصدق في المدائح النبوية.
وهناك شعراء قضوا أعمارهم في الدفاع عن أهل البيت، ولقوا في ذلك من المحن والمكاره ما يدل على نصيبهم من صدق الوجدان: أمثال الكميت، ودعبل، وأبي الطفيل [1] ، وهناك شعراء لم يقفوا حياتهم على هذا الفن، ولكن كانت لهم فيه مواقف موصولة بصدق اليقين. أمثال الشريف الرضي، ومهيار.
وهناك شعراء أطالوا القول في مدح أهل البيت، وهم شعراء الدولة الفاطمية، ولكن هؤلاء صدقهم مشوب بروح النفع: لأن الفاطميين كانوا أقاموا ملكا عظيما في مصر والمغرب، وانتصارهم كاف لتشكيكنا في عواطف من مدحوهم من الشعراء.
وليس معنى ذلك أن مدح المنتصر يخلو من الصدق، لا. ولكن معناه أنه بعيد عن التصوف، لأنه متهم بحب النفع، وهيهات أن يقف مثل الشاعر ابن هانىء الأندلسي في صف شاعر مثل الكميت! وإن علامة التصوف هي الشجاعة والشجاعة لا يحتاج إليها إلا في مواطن الخوف، وهي عندئذ دليل على حفظ العهد، وصدق اليقين.
* درج معرب البردة على قوله (متعلق) بعد كل جار ومجرور، فجعلتها متعلقان، ويبدو أن المؤلف (المعرب) ينطلق في هذا من الأخذ بأن الجار والمجرور يشكلان شيئا واحدا فهما كالكلمة الواحدة.
* ما بين قوسين [ ... ] زيادة ليست في الأصل وإنما ضرورة اقتضاها العمل في ذلك. [1] المدائح النبوية ص 65.