اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 379
ويدلك على استنكارهم أن يقولوا: سليت تسلو لئلا يقلبوا في الماضي ولا يقلبوا في المضارع أنهم قد جاءوا في الصحيح بذلك لما لم يكن فيه من قلب الحرف في الماضي وترك قلبه في المضارع ما جفا عليهم وهو قولهم: نعِم ينعُم, وفضِل يفضُل. وقالوا في المعتل: مِت تموت ودِمت تدوم وحكي في الصحيح أيضًا حضِر القاضي يحضُره. فنعِم في الأصل ينعَم وينعم في الأصل مضارع نعُم ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نعِم لغة من يقول ينعُم فحدثت هناك لغة ثالثة.
فإن قلت: فكان يجب على هذا أن يستضيف من يقول: نعُم مضارع من يقول نعِم فتركب من هذا أيضًا لغة ثالثة وهي نعُم ينعَم.
قيل: منع من هذا أن فعُل لا يختلف مضارعه أبدًا وليس كذلك نعِم؛ لأن نعِم قد يأتي فيه ينعِم وينعَم جميعًا فاحتمل خلاف مضارعه, وفعُل لا يحتمل مضارعه الخلاف ألا تراك كيف تحذف فاء وعد في يعد لوقوعها بين ياء وكسرة وأنت مع ذلك تصحح نحو وضؤ ووطؤ إذا قلت: يوضؤ ويوطؤ, وإن وقعت الواو بين ياء وضمة ومعلوم أن الضمة أثقل من الكسرة لكنه لما كان مضارع فعُل لا يجيء مختلفًا لم يحذفوا فاء وضؤ ولا وطؤ ولا وَضُع لئلا يختلف بابٌ ليس من عادته أن يجيء مختلفًا.
فإن قلت: فما بالهم كسروا عين ينعِم, وليس في ماضيه إلا نعِم, ونعُم, وكل واحد من فعِل وفعُل ليس له حظ من باب يفعِل.
قيل: هذا طريقه غير طريق ما قبله. فإما أن يكون ينعم -بكسر العين- جاء على ماض وزنه فعَل غير أنهم لم ينطقوا به استغناء عنه بنعِم ونعُم كما استغنوا بتَرك عن وَذر وودع وكما استغنوا بملامح عن تكسير لمحة وغير ذلك. أو يكون
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 379