اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 31
وحديثها السحر الحلال لو انه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث أنها لم توجز
شرك القلوب وفتنة ما مثلها ... للمطمين وعقلة المستوفز1
فذكر أنها تطيل تارة وتوجز أخرى, والإطالة والإيجاز جميعًا إنما هما في كل كلام مفيد مستقل[2] بنفسه ولو بلغ بها الإيجاز غايته لم يكن له[3] بد من أن يعطيك تمامه وفائدته مع أنه لا بد فيه من تركيب الجملة, فإن نقصت عن ذلك لم يكن هناك استحسان ولا استعذاب؛ ألا ترى إلى قوله 4:
قنا لها قفي لنا قالت قاف
وأن هذا القدر من النطق لا يعذب, ولا يجفو, ولا يرق, ولا ينبو, وأنه إنما يكون استحسان القول واستقباحه فيما يحتمل[5] ذينك, ويؤديهما إلى السمع, وهو أقل ما يكون جملة مركبة. وكذلك قول الآخر -فيما حكاه سيبويه[6]: "ألا تا " فيقول مجيبه:
1 سقط هذا البيت في أ.
2 "مقل" في أ. [3] في أبإسقاط "له".
4 هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وكان عاملا لعثمان رضي الله عنه على الكوفة، فاتهم بشرب الخمر فأمر الخليفة بشخوصه إلى المدينة، وخرج في ركب، فنزل الوليد يسوق بهم، فقال:
قلت لها قفي فقالت قاف ... لا تحسبينا قد نسبنا الإيجاف
والنشوات من معتق صاف ... وعزف قينات علينا عزاف
وانظر شواهد الشافية 271 والأغاني 131/ 5 وترى في الشطر الشاهد بعض المخالفة وقوله: قالت قاف, أي إني واقفة أو وقفت، فاستغنى بالحرف عن الجملة.
5 "يحمل" في أ. [6] انظر الكتاب ص62 ج2 والنص فيه: "وسمعت من العب من يقول: ألا تا، بلى فا, فإنما أرادوا: ألا تفعل، وبلى فافعل. ولكنه قطع، وفي الكامل 127/ 4 عن الأصمعي: "كان أخوان متجاوران لا يكلم كل واحد منهما صاحبه سائر سنته حتى يأتي وقت الرعي؛ فيقول أحدهما لصاحبه: ألاتا، فيقول الآخر: بلى فا. يريد ألا تنهض، فيقول الآخر: بلى فانهض، وانظر نوادر أبي زيد 127 وشرح الشافية 366.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 31