اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 286
البتة، وإن لم يوجد في اللفظ، غير أن دلالة الحال عليه نابت مناب اللفظ به. وكذلك قولهم لرجل مهو بسيف في يده: زيدًا, أي اضرب زيدًا. فصارت شهادة الحال بالفعل بدلا من اللفظ به. وكذلك قولك للقادم من سفر: خير مقدم أي قدمت خير مقدم وقولك: قد مررت برجل إن زيدًا[1] وإن عمرًا أي إن كان زيدًا وإن كان عمرًا وقولك للقادم من حجه: مبرور مأجور أي أنت مبرور مأجور, ومبرورًا مأجورًا[2] أي قدمت مبرورًا مأجورًا وكذلك قوله 3:
رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الغداة من جلله4
أي رب رسم دار. وكان رؤبة إذا قيل له: كيف أصبحت؟ يقول: خير عافاك الله -أي بخير- يحذف[5] الباء لدلالة الحال عليها بجري العادة والعرف بها. وكذلك قولهم: الذي ضربت زيد تريد الهاء وتحذفها لأن في الموضع دليلا عليها. وعلى نحو من هذا تتوجه عندنا قراءة حمزة وهي قوله سبحانه: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ " ليست هذه القراءة عندنا من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس[6]، بل الأمر فيها دون ذلك وأقرب وأخف وألطف وذلك أن لحمزة أن يقول لأبي العباس: إنني لم أحمل " الأرحام " على العطف على المجرور المضمر بل اعتقدت أن تكون فيه باء ثانية حتى كأني[7] قلت: "وبالأرحام " ثم حذفت الباء لتقدم ذكرها؛ كما حذفت لتقدم [1] كذا في أ. وفي ش، ب: "أر". [2] انظر مجالس ثعلب 91.
3 هو جميل بن عبد الله بن معمر، صاحب بثينة. وانظر الأمالي 1/ 346 والسمط 557 والخزانة 4/ 199 والعيني 3/ 339، والسيوطي 126.
4 هذا البيت من شواهد النحو في مباحث حرف الجر، وهو مطلع القصيدة، وبعده:
موحشا ما ترى به أحدا ... تنسج الريح ترب معتدله
واقفا في رباع أم جبير ... من ضحا يومه إلى أصله [5] كذا في ج وفي أ، ب، ش: "ويحذف". [6] يريد المبرد. وانظر الكامل 6/ 155، وشرح المفصل 3/ 78. [7] كذا في أ، ب. وفي ب: "كأن".
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 286