اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 111
ومحصول الحديث فالعمل من الرفع والنصب والجر والجزم إنما هو للمتكلم نفسه لا لشيء غيره. وإنما قالوا: لفظي ومعنوي لما ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامة اللفظ للفظ أو باشتمال المعنى على اللفظ. وهذا واضح.
واعلم أن القياس اللفظي إذا تأملته لم تجده عاريًا من اشتمال المعنى عليه؛ ألا ترى أنك إذا سئلت عن "إن " من قوله 1:
ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... على السن خيرًا لا يزال يزيد
فإنك قائل: دخلت على " ما" -وإن كانت "ما " ههنا مصدرية- لشبهها لفظًا بما النافية التي تؤكد بإن من قوله2:
ما إن يكاد يخليهم لوجهتهم ... تخالج الأمر إن الأمر مشترك
وشبه اللفظ بينهما يصير "ما " المصدرية إلى أنها كأنها " ما " التي معناها النفي أفلا ترى أنك لو لم تجذب إحداهما إلى أنها كأنها بمعنى الأخرى لم يجز لك إلحاق "إن" بها.
1 أي المعلوط بن بدل -بزنة سبب- القريعي؛ كما ذكره السيرافي في شرح الكتاب، نقل ذلك البغدادي في شرح شواهد المغني في مبحث "إن" وفي اللسان في "أنن": "المعلوط بن بذل" وبذل محرف من بدل. وفي الحماسة أبيات على هذا الروي لرجل من قريع منها:
متى ماير الناس الغني وجاره ... فقير يقولوا عاجز وجليد
وفي الخزانة 1/ 536 أن ابن جني في إعراب الحماسة عينه فقال: هو المعلوط بن بدل القريعي، وانظر السمط 434 وشرح شواهد المغني البغدادي والكتاب 2/ 306.
2 أي زهير من قصيدة مطلعها:
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا ... وزودرك اشتياقا أية سلكوا
وانظر الديوان. وتخالج الأمر: اختلافهم في الرأي: يقول هذا: نصنع كذا، وذاك نصنع كذا، وقوله: إن الأمر مشترك، أي لا يجتمعون على رأي واحد: هذا له رأي، وهذا له رأي، وهذا الاختلاف يبطئ بسيرهم وارتحالهم.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 111