اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 108
من المواضع بمنزلة الجزء[1] الواحد. أفلا تراك كيف تقدر اللفظ الواحد[2] تقديرين مختلفين وكل واحد منهما مقبول في القياس متلقى بالبشر والإيناس.
ومن ذلك قول الآخر 3:
زمان علي غراب غداف ... فطيره الشيب عني فطارا
فهذا موضع يمكن أن يذهب ذاهب فيه إلى سقوط حكم ما تعلق به الظرف[4] من الفعل ويمكن أيضًا أن يستدل به على ثباته وبقاء حكمه. وذلك أن الظرف الذي هو " علي" متعلق بمحذوف وتقديره غداة[5] ثبت علي أو استقر علي غراب ثم حذف الفعل وأقيم الظرف مقامه. وقوله فطيره -كما ترى- معطوف. فأما من أثبت به حكم الفعل المحذوف فله أن يقول: إن طيره معطوف على ثبت[6] أو استقر وجواز العطف عليه أدل دليل على اعتداده وبقاء حكمه وأن العقد عليه والمعاملة في هذا ونحوه إنما هي معه ألا ترى أن العطف نظير التثنية ومحال أن يثنى الشيء فيصير مع صاحبه شيئين إلا وحالهما في الثبات والاعتداد واحدة.
فهذا وجه جواز الاستدلال به على بقاء حكم ما تعلق به الظرف وأنه ليس أصلا متروكًا ولا شرعًا منسوخًا. [1] كذا في أ، ب، ش وفي ج: "الحرف". [2] سقط في ش هذا اللفظ.
3 هو أبو حية النميري. وقبل البيت:
زمان الصبا ليت أيامنا ... رجعن لنا الصالحات القصارا
وبعده:
فلا يبعد الله ذاك الغراب ... وإن هو لم يبق إلا ادّكارا
وقوله: "على غراب غداف" أراد به الشباب والشعر الأسود، وانظر الحيوان بتحقيق الأستاذ هارون 3/ 429 وأمالي المرتضى 2/ 100. [4] كذا في ش، ب. وفي أ: "الظروف". [5] المناسب لما هنا: زمان. وكأن هناك رواية أخرى: "غداة علي ... " "فذهب ذكر المؤلف إليها". [6] هذا من ابن جني على أن "عليّ غراب" جملة فعلية فاعلها "غراب" وليس يجب هذا؛ فـ"غراب" مبتدأ لا فاعل، وخبره "عليّ" وليس في الكلام ما يختص بالفعل أو يغلب فيه حتى يقدر الفعل كما يريد. وعلى هذا فقوله "فطيره" عطف على الجملة الاسمية لا على متعلق الظرف.
اسم الکتاب : الخصائص المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 108