responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 96
أراد بئس مقام الشيخ مقولا فيه أمرس أمرس، ذمَّ مقامًا يقال له ذلك فيه، و "أمرس" أعِدِ الحبل إلى موضعه من البكرة.
وإنما جاءت هذه الأشياء في غير أماكنها لسَعَة اللغة؛ وحَسَّنَ ذلك ما ذكرناه من إضمار القول؛ فدلّ على أن ما تمسّكوا به من دخول حرف الجر عليهما ليس بحجة يُسْتَنَدُ إليها، ولا يعتمد عليها.
وأما قولهم "إن العرب تقول: يا نعم المولى ويا نعم النصير" فنقول: المقصود بالنداء محذوف للعلم به، والتقدير فيه: يا الله نعم المولي ونعم النصير أنت.
وأما قولهم: "إن المنادى إنما يقدر محذوفًا إذا ولي حرف النداء فعل أمر" فليس بصحيح؛ لأنه لا فرق بين الفعل الأمريّ والخبريّ في امتناع مجيء كل واحد منهما بعد حرف النداء، إلا أن يقدَّر بينهما اسم يتوجه النداء إليه، والذي يدلُّّّ على أنه لا فرق بينهما مجيء الجملة الخبرية بعد حرف النداء بتقدير حذف المنادى كما

= المهملة- هو أحد خشبتين يكتنفان البكرة وفيهما المحور، وهما قعوان، وقيل: القعوان الحديدتان اللتان تجري البكرة بينهما، وقال الأصمعي: إذا كان ما تجري البكرة وتدور فيه من حديد فهو خطاف، وإن كان من خشب فهو القعو، واقنسس: تأخر وارجع إلى خلف، ومعنى قوله "إما على قعو وإما اقعنسس" قال ابن منظور: إن استقى المستقي ببكرة فوقع حبلها في غير موضعه قيل له: أمرس، أي أعد حبلك إلى موضعه، وإن كان يستقي بغير البكرة ومتح حتى أوجعه ظهره فيقال له: اقعنسس واجذب الدلو، والاستشهاد بالبيت في قوله "بئس مقام الشيخ أمرس أمرس" فإن قوله "أمرس" جملة إنشائية لكونها مؤلفة من فعل أمر وفاعله وهو الضمير المستتر فيه وجوبًا، وقد وقعت هذه الجملة حالًا في ظاهر الأمر، ولما كان العلماء لا يجيزون مجيء الجملة الإنشائية حالا، إلا من لا يعتد بقوله، فقد جعلوا هذه الجملة معمولة لعامل محذوف هو الذي يقع حالا، وتقدير الكلام: بئس مقام الشيخ مقولا فيه: أمرس أمرس، وصاحب الحال هو قوله "الشيخ" المضاف إليه، وفي كلام ابن منظور ما يفيد أن هذه الجملة الإنشائية معمولة لعامل محذوف يقع نعتًا لمخصوص بالذم، وكأنه قال: بئس مقام الشيخ مقام مقول له فيه أمرس أمرس، وهو كلام مستقيم؛ فإن مجيء بئس وقائلها في أول الكلام يرشح لمجيء المخصوص بالذم؛ لأنه هو الذي جرت عادتهم في هذا الأسلوب أن يأتوا به، ولو قلت: إن هذه الجملة معمولة لقول محذوف يقع تمييزا، وإن التقدير: بئس مقام الشيخ مقاما مقولا فيه أمرس أمرس، لم تكن قد أبعدت، والاستشهاد على أية هذه الأحوال الثلاثة جارٍ مؤدٍ للغرض الذي يريده المؤلف، فإنه يقصد إلى أن يقول: إن من سنن العرب في كلامهم أن يحذفوا الكلمة من الكلام -وخاصة ما كان من مادة القول- وهم يريدونها، وإن ذلك واقع في أساليب كثيرة من أساليبهم.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست