responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 307
فدلَّ على أنه جائز.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: أجمعنا على أن "مِنْ" في المكان نظير مُذْ في الزمان؛ لأن مِنْ وضعت لتدل على ابتداء الغاية في المكان؛ كما أن مُذْ وضعت لتدل على ابتداء الغاية في الزمان، ألا ترى أنك تقول: "ما رَأَيْتُهُ مُذْ يَوْمُ الجُمْعة" فيكون المعنى أن ابتداء الوقت الذي انقطعت فيه الرؤية يوم الجمعة، كما تقول: "ما سِرْتُ مِنْ بَغْدَادَ" فيكون المعنى ما ابتدأت بالسير من هذا المكان، فكما لا يجوز أن تقول "ما سرت مُذْ بغداد" فكذلك لا يجوز أن تقول "مَا رَأَيْتُهُ من يوم الجمعة".
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما احتجاجهم بقوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] فلا حجة لهم فيه؛ لأن التقدير فيه: من تأسيس أول يوم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مُقَامه، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: 82] والتقدير فيه: أهل القرية وأهل العير، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 177] وكقولهم: الجودُ حاتمٌ، والشجاعة عنترة، والشعر زهير، أي: جود حاتم، وشجاعة عنترة، وشعر زهير، وكقولهم "بَنُو فَلَانٍ يَطَؤُهُمُ الطَّرِيقُ" أي: أهل الطريق، وقال الشاعر:
[233]
حسبت بُغَامَ رَاحِلَتِي عَنَاقًا ... وما هي -وَيْبَ غَيْرَكَ- بِالعَنَاقِ

= وأن حمادًا الرواية لما رأى هذا البيت مطلع القصيدة ابتكر ثلاث أبيات جعلها مقدمة لهذا المطلع، أولها بيت الشاهد، وبعده:
لعب الزمان بها وغيرها ... بعدي سوافي المور والقطر
قفرًا بمندفع النحائت من ... صفوي أولات الضال والسدر
فإن سلمنا صحة الرواية التي رواها الكوفيون وسلمنا مع ذلك صحة نسبة البيت إلى زهير فتخريجه على ما ذكره المؤلف.
[233] أنشد ابن منظور "ع ن ق" هذا البيت أول بيتين، وأسند روايتهما لابن الأعرابي، ونسبهما لقريط يصف الذئب فالخطاب له، ثم أنشده وحده "ب غ م" ونسبه لذي الخرق. وبغام الناقة -بضم الباء وتخفيف الغين- صوت لا تفصح به، وبغام الظبية: صوتها، وقد بغمت تبغم -من مثال ضرب ونصر وفتح- بغوما ويغاما. وتقول: بغمت الرجل؛ إذا لم تفصح له عن معنى ما تحدثه به. والراحلة، هنا: الناقة سميت بذلك لأن صاحبها يرتحلها: أي يركبها أو يضع رحله عليها، والعناق -بفتح العين وتخفيف النون- الأنثى من المعز. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "عناقا" فإنه على تقدير مضاف يتم به التشبيه، ألا ترى أنه لا يصح تشبيه صوت الناقة بالعناق نفسها؟ وإنما يصح تشبيه صوت الناقة بصوت العناق.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 307
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست