اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 288
لضرورة الشعر في غير النداء، قال الشاعر:
[223]
أَوْدَى ابْنُ جُلْهُمَ عَبَّادٌ بِصِرْمَتِهِ ... إنَّ ابْنَ جُلْهُمَ أَمْسَى حَيَّةَ الوَادِي
أراد "جُلْهُمَةَ" فحذف التاء لضرورة الشعر، وقال الآخر:
[224]
ألا أَضْحَتْ حِبَالُكُمُ رِمَامَا ... وأَضْحَتْ مِنْكَ شَاسِعَةَ أُمَامَا
[223] هذا البيت من كلام الأسود بن يعفر، وهو من شواهد سيبويه "1/ 344" ورواه ابن منظور "ج ل هـ م" وأودى بها: أي ذهب بها، والصرمة -بكسر الصاد وسكون الراء- القطعة من الإبل ما بين الثلاثين إلى الأربعين، والوادي: المطمئن من الأرض، وحية الوادي: كناية عن كونه يحمي ناحيته ويتقي منه كما يتقى من الحية الحامية لواديها المانعة منه. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "إن ابن جلهم" واعلم أولا أن العرب سمت المرأة جلهم -بغير تاء- وسمت الرجل جلهمة -بالتاء- كذا جرى استعمالهم للاسمين، ثم اعلم أنه يجوز أن يكون الشاعر قد عنى أباه، ويجوز أن يكون قد عنى أمه، فإن كان قد عنى أباه كان أصل العبارة "إن ابن جلهمة" فرخمة بحذف التاء مع أنه غير منادى، بل هو فاعل أودى ومضاف إليه، ولكن يسأل حينئذ عما دعاه إلى فتح "جلهم" وهو علم لمذكر فلا يكون ممنوعًا من الصرف بعد حذف التاء، والجواب عن هذا أنه لما حذف التاء أبقى الحرف الذي قبلها على ما كان عليه، كالذي يرخم على لغة من ينتظر الحرف المحذوف، وإن كان قد عنى أمه كان أصل العبارة "إن ابن جلهم" كما وردت في البيت؛ فلا يكون في البيت -على هذا الوجه- ترخيم، ولا يستدل به على شيء من هذا الباب. ويكون "جلهم" مجرورًا بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث كزينب ورباب من أعلام الإناث التي لا تاء فيها، ومن هنا تعلم أن استشهاد المؤلف بهذا البيت لا يتم إلا على أساس أن الشاعر أراد اسم الأب، وهو ظاهر بعد هذا الإيضاح. قال سيبويه رحمه الله: "وأما قول الأسود بن يعفر:
أودى ابن جلهم عباد بصرمته
فإنما أراد أمه جلهم، والعرب يسمون المرأة جهلم والرجل جلهمة" ا. هـ. يعني أنه لا ترخيم فيه عنده، وقال الأعلم: "الشاهد في قوله جلهم، وأنه أراد أمه جلهم؛ فلا ترخيم فيه على هذا؛ لأن العرب سمت المرأة جلهم بغير هاء، والرجل جلهمة بالهاء. كذا جرى استعمالهم للاسمين، وإن كان أراد أباه فقد رخم" ا. هـ.
[224] هذا البيت من كلام جرير بن عطية بن الخطفي، وروايته في الديوان على قلق في وزنه" ص502":
أصبح حبل وصلكم رماما ... وما عهد كعهدك يا أماما
وليس في البيت -على هذه الرواية- ما يستشهد به لشيء في هذه المسألة كما ترى، وكان أبو العباس المُبَرِّد يرد الاستشهاد بهذا البيت ويدعي أن الرواية هي هذه، والبيت -على ما وراه المؤلف- من شواهد سيبويه "1/ 343" ورضي الدين في شرح الكافية "1/ 136" وشرحه البغدادي في الخزانة "1/ 389 بولاق" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم 457" =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 288