اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 236
في قراءة من قرأ "مِثْلَ" بالفتح، وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب، وإن كان في موضوع رفع؛ لأنه اسم مبهم مثل غير أضيف إلى غير متمكن، وقال تعالى: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذ} [هود: 66] فيمن قرأ بالفتح، وقال تعالى: {من عَذَابِ يَوْمِئِذ} [المعارج: 11] فيمن قرأ بالفتح، وهي قراءة نافع والكسائي وأبي جعفر، ثم قال الشاعر:
[173]
أَزَمَانَ من يُرِدِ الصَّنِيعَةَ يُصْطَنَعْ ... فينا، ومن يرد الزَّهَادَةَ يُزْهَدِ
فبنى "أزمان" لإضافته إلى "من" وهو غير متمكن وقال الآخر:
[174]
على حين من تَلْبَثْ عليه ذنُوبُه ... يجد فَقْدَهَا وفي المقام تَدَابُرُ
فبنى "حين" لإضافته إلى "من" وقال الآخر:
[175]
على حين عاتبتُ المشيب على الصَّبَا ... وقلتُ: ألمَّا تَصْحُ والشيب وازعُ؟
[173] الصنيعة: كل معروف تسديه إلى غيرك تصطنعه به، أي تعجله من نفرك، وقال الشاعر:
إن الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها مكان المصنع
والاستشهاد بالبيت في قوله "أزمان من يرد ... إلخ" فإنه يجوز في "أزمان" أن يكون مبنيًّا على الفتح لكونه ظرفًا مبهمًا قد أضيف إلى جملة مصدرة باسم مبني وهو من ويجوز أن يكون منصوبًا على الظرفية، ونظيره قول العجاج:
أزمان أبدت واضحًا مفلجًا ... أغر براقًا وطرفًا أدعجا
[174] هذا البيت من كلام لبيد بن ربيعة العامري، وهو من شواهد سيبويه "1/ 441" والرضي في باب الجوازم، وشرحه البغدادي في الخزانة "3/ 649" والذنوب -بفتح الذال- الدلو إذا كانت مملوءة بالماء، وقد ضربه مثلا لما يدلى به من الحجة، وقوله "يجد فقدها" روى سيبويه في مكان هذه العبارة "يرث شربه" والشرب -بالكسر- الحظ من الماء، والمقام: أراد به مقامًا فأخر فيه غيره وكثرت المخاصمة فيه والمحاجة، والتدابر -بالباء الموحدة- التقاطع، وأصله أن يولي كل واحد من الخصمين صاحبه دبره، وروى سيبويه "تداثر" بالثاء المثلثة -وهو التزاحم-. وأصله مأخوذ من الدثر -بفتح الدال وسكون الثاء- وهو المال الكثير. والاستشهاد بالبيت في قوله "على حين من ... إلخ" فإن الرواية فيه بفتح حين مع دخول حرف الجر عليها، وذلك دليل على أن الشاعر بنى هذه الكلمة على الفتح؛ إذ لو كان أعربها لجرها بالكسرة، وإنما بناها لكونها مضافة إلى جملة صدرها مبني -وهو "من"- وقد ذكر سيبويه أن إضافة "حين" إلى "من" الشرطية ضرورة من ضرورات الشعر، قال الأعلم: "الشاهد مجازاته بمن مع إضافة حين إلى جملة الشرط ضرورة، وحكمها ألا تضاف هي وإذا إلا إلى جملة مخبريها، والمبهمات إنما تفسر وتوصل بالأخبار، وجاز هذا في الشعر تشبيهًا لجملة الشرط بجملة الابتداء والخبر والفعل والفاعل" ا. هـ.
[175] هذا البيت من كلام النابغة الذبياني، وهو من شواهد سيبويه "1/ 369" وابن يعيش "335 =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 236