responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 142
"عَرَقًا" في قولهم "تصبب زيد عرقًا" فاعل معنى، وإن لم يكن فاعلًا لفظًا، ولهذا لم تثبت علامة التأنيث في قولهم "ما خرج إلا هند، وما ذهب إلا دعد" وما أشبه ذلك، على أنه قد حذف علامة التأنيث الحقيقي مع الفصل في قولهم "حَضَرَ القاضي اليوم امرأة" وقال الشاعر:
[103]
إن امرأ غرَّهُ منكنَّ واحدةٌ ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرورُ
وقال الآخر:
[104]
لقد وَلَدَ الأخيطل أُمُّ سَوْءٍ ... على قِمْعِ اسْتِهَا صُلُبٌ وَشَامُ
فقال "ولد" ولم يقل "ولدت".
وأما قولهم "إنه اكتفى بالفعل من أحد" قلنا: لا نسلم أن الفعل اكتفى به من الاسم؛ لأن الفعل لا بُدّ له من فاعل، وإنما الاسم بعد "إلا" قام مقامه واكتفى به منه؛ لأنه لما حذف المستثنى منه قبل "إلا" قام ما بعد "إلا" حين حذفته مقامه، كما يقوم المفعول مقام الفاعل إذا حذف نحو "ضُرِب زيد، وأُعْطِي عمرو درهمًا،

[103] هذا البيت من شواهد الأشموني "رقم 365" وقد استشهد به ابن الناظم في باب الفاعل من شرحه على ألفية والده ابن مالك، وابن هشام في شرح شذور الذهب "رقم 79" وقد ذكر العيني أنه من شواهد سيبويه، ولكني بحثت كتاب سيبويه من أوله إلى آخره فلم أجد فيه. والاستشهاد بهذا البيت في قوله "غرة واحدة" حيث لم يصل تاء التأنيث بالفعل الذي هو "غرة" مع أن فاعله -وهو قوله "واحدة"- مؤنث حقيقي التأنيث؛ فإنه في الأصل صفة لموصوف محذوف، وتقدير الكلام: غرة منكن امرأة واحدة، والأصل في الفاعل الحقيقي التأنيث أن تلزم في فعله التاء، والذي جرأ هذا الشاعر على حذف التاء هو الفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول الذي هو الضمير المتصل وبالجار والمجرور -وهو قوله "منكن"- وهذا مما يجيزه جماعة من النحاة منهم ابن مالك الذي يقول في الألفية:
وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو "أتى القاضي الواقف"
[104] هذا البيت من قصيدة طويلة لجرير بن عطية بن الخطفي يهجو فيها الأخطل التغلبي وقومه، وهو من شواهد الأشموني "رقم 364" وأوضح المسالك "رقم 213" والأخيطل: تصغير الأخطل، وأصل الأخطل وصف بمعنى الفحاش الكثير الخطل، ثم لقب به الشاعر المشهور؛ وقوله "على قمع استها" يروى في مكانه" على باب استها" والصلب -بضم الصاد واللام جميعًا- جمع صليب، ووزانه وزان سرير وسرر "وشام" جمع شامة، وهي العلامة، والاستشهاد به في قوله "ولد الأخيطل أم سوء" فإن هذه جملة من فعل ماضٍ هو "ولد" وفاعل مؤنث وهو "أم" ولم يصل به تاء التأنيث، وقد علم أن الفعل الذي يسند إلى فاعل مؤنث حقيقي التأنيث يجب أن يؤنث لفظ الفعل بأن توصل به التاء التي للتأنيث إذا كان ماضيًا، لكنه ترك التاء في هذه الجملة لكون الفعل قد فصل بينه وبين فاعله بالمفعول الذي هو قوله "الأخيطل" وقد بيَّنَّا مثل ذلك في الشاهد السابق.
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست