responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 132
كليس، إلا أنها لا تعمل في جميع الأسماء، ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون معمولها إلا "أنْ" مع الفعل نحو "عسى زيد أن يقوم" ولو قلت"عسى زيد القيام" لم يجز؛ فأما قولهم في المثل "عسى الغُوَيْرَ أَبْؤُسًا" فهو من الشاذ الذي لا يقاس عليه، فلما كان مفعولها مختصًّا بخلاف "ليس" نقصت عن رتبة ليس؛ فجاز أن يمنع من تقديم معمولها عليها، ولا يجوز أن تقاس "ليس" على ما في امتناع تقديم خبرها عليها؛ لأن ليس تخالف ما، بدليل أنه يجوز تقديم خبر ليس على اسمها نحو "ليس قائمًا زيد" ولا يجوز تقديم خبر ما على اسمها؛ فلا يقال: "ما قائمًا زيد" وإذا جاز أن تخالف ليس "ما" في جواز تقديم خبرها على اسمها جاز أن تخالفه في جواز تقديم خبرها عليها، وتلحق بأخواتها.
والصحيح عندي ما ذهب إليه الكوفيُّون.
وأما الجواب عن كلمات البصريين: أما قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] فلا حجة لهم فيه؛ لأنا لا نسلم أن {يَوْمَ} متعلق بمصروف، ولا أنه منصوب، وإنما هو مرفوع بالابتداء، وإنما بني على الفتح لإضافته إلى الفعل، كما قرأ نافع والأَعْرَج قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} فإن {يَوْمَ} في موضع رفع، وبني على الفتح لإضافته إلى الفعل، فكذلك ههنا. وإن سلمنا أنه منصوب إلا أنه منصوب بفعل مقدر دلّ عليه قوله تعالى: {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] وتقديره: يلازمهم يوم يأتيهم العذاب؛ لقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيقُولُنَّ مَا يحْبِسُهُ} [هود: 8] .
وأما قولهم "إن الأصل في العمل للأفعال، وهي فعل يعمل في الأسماء المعرفة والنكرة والمظهرة والمضمرة" قلنا: هذا يدل على جواز إعمالها؛ لأنها فعل، والأصل في الأفعال أن تعمل، ولا يدل على جواز تقديم معمولها؛ لأن تقديم المعمول على الفعل يقتضي تصرف الفعل في نفسه، و "ليس" فعل غير متصرف، فلا يجوز تقديم معموله عليه؛ فنحن عملنا بمقتضى الدليلين: فأثبتنا لها أصل العمل لوجود أصل الفعلية، وسلبناها وصف العلم لعدم وصف الفعلية وهو التصرف؛ فاعتبرنا الأصل بالأصل؛ والوصف بالوصف. والذي يشهد لصحة ذلك الأفعال المتصرفة نحو ضرب وقتل وشتم، فإنها لما كانت أفعالًا متصرفة أُثْبِتَ لها أصل العمل ووصفُهُ؛ فجاز إعمالها، وجاز تقديم معمولها عليها نحو "عمرًا ضَرَبَ زيدٌ" وكذلك سائرها، والأفعال غير المتصرفة نحو عسى ونعم وبئس وفعل التعجب خصوصًا على مذهب البصريين؛ فإنها لما كانت أفعالًا غير متصرفة أثبت لها أصل العمل فجاز إعمالها، وسلبت وصف العمل؛ فلم يجز تقديم معمولها عليها فكذلك ههنا.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست