responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 117
الأمر نحو "صَهْ، ومَهْ" وما أشبه ذلك فإنه أقيم مقام الأفعال وهي الأصل في الأمر، وإنما فعلوا ذلك توخِّيًا للاختصار لئلا يفتقر إلى إظهار ضمير التثنية والجمع والتأنيث الذي يظهر في الفعل نحو "اسْكُتَا، واسكُتُوا، واسكُتْنَ" وما أشبه ذلك.
وأما قولهم "الدليل على أنه اسم تصحيح عينِهِ في "ما أقوَمَهُ، وما أَبْيَعَهُ" قلنا: التصحيح حصل له من حيث حصل له التصغير، وذلك بحمله على باب أفعل الذي للمفاضلة، فصحح كما صحح من حيث إنه غلب عليه شبَهُ الأسماء بأن ألزم طريقة واحدة، والشبه الغالب على الشيء لا يخرجه عن أصله، ألا ترى أن الأسماء التي لا تنصرف لما غلب عليها شبه الفعل منعت الجر والتنوين كما منعهما الفعل، ولم تخرج بشبهها للفعل عن أن تكون أسماء؛ فكذلك ههنا: تصحيح العين في نحو: "ما أَقْوَمَهُ، وما أبيعه" لا يخرجه عن أن يكون فعلا، على أن تصحيحه غير مستنكر في كلامهم؛ فإنه قد جاءت أفعال متصرفة مصححة في نحو قولهم: أَغْيَلَتِ المرأة، وأَغْيَمَتِ السماء، واسْتَنْوَقَ الجمل، واسْتَتْيَسَتِ الشاة، واسْتَحْوَذَ يستحوذ. قال الله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ} [المجادلة: 19] وقال تعالى: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 141] وقد قرأ الحسن البصري: "حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَُهَا وَأََزْيَنَتْ" على وزن أَفْعَلَتْ، ونحو قولهم: اسْتَصْوَبْتُ، وأَجْوَدْتُ، وأطيبت، وأطولت، قال الشاعر:
[88]
صَدَدْتِ وأطولت الصُّدُودَ، وقَلَّمَا ... وِصَالٌ على طُول الصُّدُودِ يَدُومُ

[88] هذا البيت للمرار الفقعسي، وقد أنشده ابن منظور في اللسان "ط ول" ولم يعزه، وقد استشهد به سيبويه "1/ 12 و 459" وقد نسب في صدر الكتاب إلى عمر بن أبي ربيعة، ونسب في شواهد الأعلم إلى المرار الفقعسي كما ذكرنا، وممن استشهد به ابن هشام في مغني اللبيب "رقم 514" ورضي الدين في شرح الكافية "2/ 320" وانظر خزانة البغدادي "4/ 287" وابن يعيش "ص1417" وقوله "صددت" معناه أعرضت، و "أطولت" كان قياسه أن يقول "أطلت" بحذف العين التي هي الواو؛ لأن هذه الواو تنقلب ألفًا في الفعل، تقول: أطال، وأقام، وأفاء، وأقاد، وأنال، وأمال، وما أشبه ذلك، فإذا وصلت تاء الضمير بالفعل حذفت هذه الألفات فقلت: أطلت، وأقمت، وأفأت، وأقدت، وأنلت، وأملت، وذلك لأن آخر الفعل يسكن عند اتصال الضمائر المتحركة به، فيلتقي ساكنان: الألف المنقلبة عن الواو أو الياء، وآخر الفعل، فتحذف الألف للتخلص من التقاء الساكنين، هذه لغة جمهرة العرب، ومن العرب من لا يقلب حرف العلة ألفًا، بل يبقيه على أصله في صيغة أفعل وصيغة استفعل، فيقول: أغيمت السماء، وأغيل الصبي، واستتيست الشاة، واستنوق الجمل، فإذا اتصل الفعل بالضمير المتحرك على هذه اللغة لم يلتقِ ساكنان فيبقى الفعل على حاله، وعلي هذه اللغة جاءت هذه الكلمة، وانظر كتابنا "دروس التصريف =
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست