responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 115
الزمان والفعل من المناسبة، من حيث اتفقا في كونهما عَرَضين، وأن الزمان حركات الفلك كما أن الفعل حركة الفاعل، وكما أن هذه الإضافة لفظية، فكذلك التصغير اللاحق فعل التعجب لفظيّ؛ وكما أن هذه الإضافة لا اعتداد بها، فكذلك هذا التصغير لا اعتداد به.
والوجه الثاني: إنما دخله التصغير حملًا على باب أفعل الذي للمُفَاضَلَة؛ لاشتراك اللفظين في التفضيل والمبالغة، ألا ترى أنك تقول "ما أَحْسَنُ زيدًا" لمن بلغ الغاية في الحسن، كما تقول "زيد أحسنُ القوم" فتجمع بينه وبينهم في أصل الحسن وتفضّله عليهم؛ فلوجود هذه المشابهة بينهما جاز "ما أُحَيْسن زيدًا، وما أميلح غزلانًا" كما تقول: "غلمانك أحيسنُ الغلمان، وغزلانك أميلح الغزلأن" ولهذه المشابهة حملوا "أَفْعَلَ منك" و "هو أَفْعَلُ القوم" على قولهم "ما أَفْعَلَه" فجاز فيهما ما جاز فيه، وامتنع منهما ما امتنع منه، ألا ترى أنك لا تقول "هو أعرج منك" ولا "أعرج القوم" لأنك لا تقول "ما أعرجه" وتقول "هو أقبح عرجًا منك" و "هو أقبح القوم عرجًا" كما تقول "ما أقبح عَرَجَهُ" وكذلك لا تقول "هو أحسن منك حسنًا" فتؤكده بذكر المصدر؛ لأنك لا تقول "ما أحسن زيدًا حسنًا" فأما قولهم "ألجّ لَجَاجَةً من الخُنْفَسَاءِ" وما أشبهه فمنصوب على التمييز.
والوجه الثالث: إنما دخله التصغير لأنه أُلْزِم طريقةً واحدة، فأشبه بذلك الأسماء، فدخله بعض أحكامها، وحَمْلُ الشيء على الشيء في بعض أحكامه لا يخرجه عن أصله، ألا ترى أن اسم الفاعل محمول على الفعل في العمل، ولم يخرج بذلك عن كونه اسمًا، وكذلك الفعل المضارع محمول على الاسم في الإعراب، ولم يخرج بذلك عن كونه فعلا؛ فكذلك تصغيرهم فعل التعجب تشبيهًا بالاسم لا يخرجه عن كونه فعلًا.
وأما ما ذكروه من "ليس، وعسى" فالكلام عليه من أربعة أوجه:
أحدها: أن "ليس، وعسى" وإن كانا قد أشبها فعل التعجب في سَلْبِ التصرّف فإنهما قد فارقاه من وجهين؛ أحدهما: أنهما يرفعان الظاهر والمضمر، كما ترفعهما الأفعال المتصرفة، فبَعُدَا عن شبه الاسم، وأفعل في التعجب إنما يرفع المضمر دون الظاهر، فقرب من الاسم الجامد؛ فلهذا دخله التصغير دونهما.
والثاني: أن "ليس، وعسى" وُصِلَا بضمائر المتكلمين والمخاطبين والغائبين، نحو: لست ولستم وليسوا، وعسيت وعسيتهم وعَسَوا، كما تتصل بالأفعال المتصرفة، وأفعل في التعجب أُلْزِمَ ضمير الغيبة لا غير، فلما تصرف ليس وعسى.

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين المؤلف : الأنباري، أبو البركات    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست