اسم الکتاب : الأصول في النحو المؤلف : ابن السراج الجزء : 1 صفحة : 92
تحتاج إلى خبر, وذلك قولك: أنا أعرفه مذ كان زيد, أي: مذ خلق, وقد كان الأمر, أي: وقع, وكذلك أمسى/ 76 وأصبح تكون مرة بمنزلة "كان" التي لها خبر ومرة بمنزلة استيقظ ونام فتكون أفعالًا تامة تدل على معان وأزمنة. ولا ينكر أن يكون لفظ واحد لها معنيان وأكثر, فإن ذلك في لغتهم كثير. من ذلك قولهم وجدت عليه من الموجدة[1], ووجدت يريدون. وجدان الضالة[2], وهذا أكثر من أن يذكر هنا.
الثالث: أن تكون توكيدًا زائدة نحو قولك: زيد كان منطلق, إنما معناه: زيد منطلق, وجاز الغاؤها لاعتراضها[3] بين المبتدأ والخبر.
ذكر الضرب الثاني: وهو ما ارتفع بالحروف المشبهة بالأفعال. فمن ذلك "ما" وهي تجري مجرى "ليس" في لغة أهل الحجاز, شبهت بها في النفي خاصة لأنها نفي, كما أنها نفي, يقولون: ما عمرو منطلقًا, فإن خرج معنى الكلام إلى الإيجاب لم ينصبوا كقولك: ما زيد إلا منطلق/80 وإن قدموا الخبر على الاسم رفعوا أيضًا فقالوا: "ما منطلق زيد"[4] فتجتمع [1] الموجدة: الكرة. [2] ويكون من وجدت، في معنى علمت وذلك قولك: وجدت زيدا كريما، ومن ذلك أيضا "رأيت" تكون من رؤية العين، وتكون من العلم كقوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّل} . وقال الشاعر خداش بن زهير:
رأيت الله أكبر كل شيء ... محافظة وأكثرهم جنودا [3] في "ب" باعتراضها. [4] اشترط سيبويه لعمل ما الحجازية شروطا، منها: أن لا يتقدم خبرها على اسمها، وذلك لأنها فرع على ليس فلا تقوى قوة الفعل ولم تتصرف تصرفه، وأن لا ينتقض نفيها بإلا، فإن انتقض بطل عملها كبطلان معنى "ليس" فلذلك ارتفع قولك: ما زيد إلا منطلق، واستوت فيه اللغتان ومن ذلك قوله عز وجل: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} وذلك أن عملها إنما كان لأجل النفي الذي به شابهت "ليس" فكيف تعمل مع زوال المشابهة، وأن لا يبدل من خبرها موجب، فإن أبدل بطل عملها نحو: ما أنت إلا شيء لا يعبأ به. وأن لا يقترن اسمها "بأن" الزائدة نحو: ما أن زيد ذاهب وقول الشاعر:
وما أن طبنا جبن ولكن ... منايانا ودولة آخرينا
انظر الكتاب 1/ 29، 362، 475.
اسم الکتاب : الأصول في النحو المؤلف : ابن السراج الجزء : 1 صفحة : 92