اسم الکتاب : الأصول في النحو المؤلف : ابن السراج الجزء : 1 صفحة : 283
والقياس عندي إذا قال قائل: قام القوم/ 322 إلا أباك, فنفيت هذا الكلام, أن تقول: ما قام القوم إلا أباك؛ لأن حق حرف النفي أن ينفي الكلام الموجب بحاله وهيئته, فأما إن كان لم يقصد إلى نفي هذا الكلام الموجب بتمامه وبني كلامه على البدل قال: ما قام القوم إلا أبوك, فإن قدمت المستثنى لم يكن إلا النصب نحو قولك: ما لي إلا أباك صديق, وما فيها إلا زيدًا أحدًا, لأنه قد بطل البدل فلم يتقدم ما يبدل فيه لأن البدل كالنعت, إنما يجري على ما قبله, فإن أوقعت استثناء بعد استثناء قلت: ما قام أحد إلا زيد إلا عمرًا. فتنصب عمرًا, لأنه لا يجوز أن يكون لفعل واحد فاعلان مختلفان يرتفعان به بغير حرف عطف فهذا مما يبصرك أن النصب واجب بعد استغناء الرافع بالمرفوع. ولك أن تقول: ما أتاني أحد إلا زيد إلا عمرًا, وإلا زيدًا إلا عمرو, فتنصب أيهما شئت وترفع الآخر. وتقول: ما أتاني إلا عمرًا إلا بشرًا أحد. فإن استثنيت/ 323 بعد الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين نحو: أعطيتُ زيدًا درهمًا قلت: أعطيتُ الناس الدراهم إلا زيدًا ولا يجوز أن تقول: إلا عمرًا الدنانير؛ لأن حرف الاستثناء إنما تستثني به واحدًا, فإن قلت: ما أعطيتُ أحدًا درهمًا إلا عمرًا دانقًا[1] وأردت الاستثناء أيضًا لم يجز فإن أردت البدل جاز فأبدلت عمرًا من أحد ودانقًا من قولك: درهمًا فكأنك قلت: ما أعطيت إلا عمرًا دانقًا.
واعلم: أنهم قد يحذفون المستثنى استخفافًا نحو قولهم: ليس إلا وليس غير كأنه قال: ليس إلا ذاك وليس غير ذلك. [1] ذهب ابن السراج في: ما أعطيت أحدا درهما، إلا عمرا دانقا إلى إبدال المرفوع من المرفوع والمنصوب من المنصوب أو هو على أن تجعل أحدهما بدلا، والثاني معمول عامل مضمر، فيكون "إلا زيدا" بدلا من "أحد" وانظر: التذييل والتكميل لأبي حيان 4/ 247.
اسم الکتاب : الأصول في النحو المؤلف : ابن السراج الجزء : 1 صفحة : 283