responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لسان العرب المؤلف : ابن منظور    الجزء : 1  صفحة : 478
أَن رَجلًا شَرِبَ مِنْ سِقاءٍ؛ فانْسابَتْ فِي بَطنِه حَيَّةٌ، فَنُهِيَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقاءِ
، أَي دخَلَتْ وجَرَتْ مَعَ جَرَيانِ الماءِ. يُقَالُ: سابَ الماءُ وانْسابَ إِذا جرَى. وانْسابَ فُلَانٌ نحوكُم: رجَعَ. وسَيَّبَ الشيءَ: تركَه. وسَيَّبَ الدَّابَّةَ، أَو الناقةَ، أَو الشيءَ: تركَه يَسِيبُ حَيْثُ شاءَ. وكلُّ دابَّةٍ تركْتَها وسَوْمَها، فَهِيَ سائبةٌ. والسائبةُ: العَبْدُ يُعْتَقُ عَلَى أَن لَا وَلاءَ لَهُ. والسائبةُ: البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه، فيُسَيَّبُ، وَلَا يُرْكَب، وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ. والسائِبَةُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ
؛ كَانَ الرجلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَعيدٍ، أَو بَرِئَ مِنْ عِلَّةٍ، أَو نَجَّتْه دابَّةٌ مِنْ مَشَقَّةٍ أَو حَرْبٍ قَالَ: ناقَتي سائبةٌ أَي تُسَيَّبُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهَا، وَلَا تُحَلَّأُ عَنْ ماءٍ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ كَلإٍ، وَلَا تُركَب؛ وَقِيلَ: بَلْ كَانَ يَنْزِعُ مِنْ ظَهْرِها فَقَارَةً، أَو عَظْماً، فتُعْرَفُ بِذَلِكَ؛ فأُغِيرَ عَلَى رَجل مِنَ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَجِدْ دابَّةً يركبُها، فرَكِب سَائِبَةً، فَقِيلَ: أَتَرْكَبُ حَراماً؟ فَقَالَ: يَركَبُ الحَرامَ مَنْ لَا حَلالَ لَهُ، فذهَبَتْ مَثَلًا. وَفِي الصِّحَاحِ: السائبةُ الناقةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ، فِي الجاهِلِيَّةِ، لِنَذْرٍ وَنَحْوِهِ؛ وَقَدْ قِيلَ: هِيَ أُمُّ البَحِيرَةِ؛ كانتِ الناقةُ إِذا ولَدَتْ عَشْرَةَ أَبْطُن، كُلُّهنَّ إِناثٌ، سُيِّبَتْ فَلَمْ تُرْكَبْ، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ولَدُها أَو الضَّيْفُ حَتَّى تَمُوتَ، فإِذا ماتتْ أَكَلَها الرجالُ والنساءُ جَميعاً، وبُحِرَتْ أُذن بِنْتِها الأَخيرةِ، فَتُسَمَّى البَحِيرةَ، وَهِيَ بمَنْزلةِ أُمِّها فِي أَنها سائبةٌ، وَالْجَمْعُ سُيَّبٌ، مثلُ نائمٍ ونُوَّمٍ، ونائحةٍ ونُوَّحٍ. وَكَانَ الرَّجلُ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وَقَالَ: هُوَ سائبةٌ، فَقَدْ عَتَقَ، وَلَا يَكُونُ وَلاؤُه لِمُعتِقِه، ويَضَعُ مالَه حَيْثُ شاءَ، وَهُوَ الَّذِي وردَ النَّهْيُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّائبةِ والسَّوائِبِ؛ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذا نذَرَ لقُدُومٍ مِن سَفَرٍ، أَو بُرْءٍ مِنْ مَرَضٍ، أَو غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ: ناقَتي سائبةٌ، فَلَا تُمْنَعُ مِن ماءٍ، وَلَا مَرْعًى، وَلَا تُحْلَبُ، وَلَا تُرْكَب؛ وَكَانَ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً فَقَالَ: هُوَ سائِبةٌ، فَلَا عَقْل بَيْنَهُمَا، وَلَا مِيراثَ؛ وأَصلُه مِنْ تَسْيِيبِ الدَّوابِّ، وَهُوَ إِرسالُها تَذْهَبُ وتجيءُ، حَيْثُ شاءَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيتُ عَمْرو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه فِي النَّارِ
؛ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوائِب، وَهِيَ الَّتِي نَهى اللهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ
؛ فالسَّائبة: أُمُّ البَحِيرَةِ، وَهُوَ مَذْكور فِي مَوْضِعِهِ. وَقِيلَ: كَانَ أَبو العالِيةِ سَائِبَةً، فَلَمَّا هَلَكَ، أُتِيَ مَولاه بميراثِه، فَقَالَ: هُوَ سائبةٌ، وأَبى أَنْ يأْخُذَه. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذا أَعْتَقَ عَبْدَه سَائِبَةً، فَمَاتَ العبدُ وخَلَّفَ مَالًا، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَ مَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَه، فميراثُه لمُعْتِقِه، لأَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ الوَلاءَ لُحْمةً كَلُحْمةِ النَّسَب، فَكَمَا أَنَّ لُحْمةَ النَّسبِ لَا تَنْقَطِعُ، كَذَلِكَ الوَلاءُ؛ وَقَدْ
قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: السَّائِبةُ والصَّدقةُ ليومِهِما.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ ليَوْمهما، أَي يَوْمِ القيامةِ، واليَوْمِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ سائِبتَه، وَتَصَدَّقَ بصدقتِه فِيهِ. يَقُولُ: فَلَا يَرجِعُ إِلى الانتِفاع بشيءٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ كالرَّجل

اسم الکتاب : لسان العرب المؤلف : ابن منظور    الجزء : 1  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست