responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لسان العرب المؤلف : ابن منظور    الجزء : 1  صفحة : 426
حَتَّى يَغِيبَ الشَّرَطانِ؛ وَكَمَا أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ، لَا يَطْلُع أَحدُهما إِلَّا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فَلَا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وَكَذَلِكَ الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ ... الضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لَا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ هَاهُنَا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِيب: نَجْمٌ مِنْ نُجومِ المَطَرِ، يُراقبُ نجْماً آخَر. وراقبَ اللهَ تَعَالَى فِي أَمرِهِ أَي خافَه. وابنُ الرَّقِيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقان بْنِ بَدْرٍ، كأَنه كَانَ يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه. والرُّقْبى: أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ دَارًا أَو أَرْضاً، فأَيُّهما ماتَ، رَجَعَ ذَلِكَ المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وَهِيَ مِنَ المُراقَبَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وَقِيلَ: الرُّقْبَى: أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه. وَقَدْ أَرْقَبه الرُّقْبَى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَى، ولِعَقبِه بَعْدَهُ بمنزلةِ الوقفِ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَرْقَبْتُه دَارًا أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فَكَانَتْ لِلْبَاقِي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فَهِيَ لَكَ، وإِن مُتَّ قَبْلِي، فَهِيَ لِي؛ والاسمُ الرُّقْبى: وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي العُمْرَى والرُّقْبَى: أَنَّهَا لِمَنْ أُعْمِرَها، وَلِمَنْ أُرْقِبَها، ولوَرَثَتِهِما مِنْ بعدِهِما.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي
ابنُ عُلَيَّة، عَنْ حجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عَنِ الرُّقْبَى، فَقَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ، وَقَدْ وَهَبَ لَهُ دَارًا: إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصلُ الرُّقْبَى مِنَ المُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا، إِنما يَرْقُبُ مَوْتَ صاحِبِه؛ أَلا تَرَى أَنه يَقُولُ: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكَ؟ فَهَذَا يُنْبِئك عَنِ المُراقَبة. قَالَ: وَالَّذِي كَانُوا يُريدون مِنْ هَذَا أَن يَكُونَ الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى صاحِبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِعَ بِهِ مَا دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ لَهُ، لَمْ يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ مِنْهُ شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنَقْضِ ذَلِكَ، أَنه مَنْ مَلَك شَيْئًا حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ فُعْلى مِنَ المُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فِيهَا مُختَلِفون: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قَالَ: وَجَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ آثارٌ كثيرةٌ، وَهِيَ أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشَّرْطَ باطِلٌ. وَيُقَالُ: أَرْقَبْتُ فُلَانًا دَارًا، وأَعْمَرْتُه دَارًا إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بِهَذَا الشَّرْطِ، فَهُوَ مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ. وَيُقَالُ: وَرِثَ فلانٌ مَالًا عَنْ رِقْبَةٍ أَي عَنْ كلالةٍ، لَمْ يَرِثْهُ عَنْ آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عَنْ رِقْبَةٍ إِذا لَمْ يَكُنْ آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كَانَ السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، ... تِلْكَ المَكارِمُ لَمْ يُورَثْنَ عَنْ رِقَبِ
أَي وَرِثَها عَنْ دُنًى فدُنًى مِنْ آبائِهِ، وَلَمْ يَرِثْهَا مِنْ وراءُ وراءُ.

اسم الکتاب : لسان العرب المؤلف : ابن منظور    الجزء : 1  صفحة : 426
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست