responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح حدود ابن عرفة المؤلف : الرصاع    الجزء : 1  صفحة : 452
لَمَّا كَانَتْ الْبِدْعَةُ كَثُرَ النِّزَاعُ فِيهَا وَتَعَصَّبْ أَهْلُهَا حَسُنَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ تَحْذِيرًا مِنْ مَذْهَبِهِمْ وَذَلِكَ الشَّيْخُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأَصْلِيِّ قَبِلَ كَلَامَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ هَيْئَةً رَاسِخَةً تُحْمَلُ عَلَى التَّقْوَى وَالْمُرُوءَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَدٌّ مُخْتَصَرٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبِدْعِيُّ يَزْعُمُ أَنَّ التَّقْوَى مَعَهُ حَسُنَ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ وَضِدِّ عَقِيدَتِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ صَحَّ لِلْآمِدِيِّ أَنْ يَقُولَ هَيْئَةً رَاسِخَةً تُحْمَلُ عَلَى التَّقْوَى فَإِنْ أَرَادَ حُصُولَ التَّقْوَى فَيَلْزَمُ أَنَّ الْعَدَالَةَ مَوْجُودَةٌ وَلَا تَقْوَى إنْ لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً وَإِنْ كَانَتْ فَيَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (قُلْتُ) هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى أَيْ دَوَامُهَا مِنْ بَابِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء: 136] (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا صَحَّحْت كَلَامَ الْآمِدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالشَّيْخُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَوَامِرَ وَالتَّقْوَى تَعُمُّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ (قُلْتُ) أَتَى بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ وَفِعْلَ الْمَنْهِيِّ مَعْصِيَةٌ فَوَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فِي حُصُولِ الْمَعْصِيَةِ بِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) لِمَ لَمْ يَقُلْ صِفَةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا إلَخْ كَعَادَتِهِ.
(قُلْتُ) جَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمَظِنَّةِ وَإِرَادَتَهَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِيجَابِ لِمَا ذَكَرَ إيجَابًا شَرْعِيًّا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَةِ الْعِصْمَةِ لَا مِنْ صِفَةِ الْحِفْظِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي تَحْقِيقِ الْحِفْظِ وَالْعِصْمَةِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَصَغَائِرُ الْخِسَّةِ تَدْخُلُ فِيمَا يَشِينُ. هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي حَدِّهِ فَيُقَالُ الصَّغِيرَةُ قَدْ تَكُونُ خَسِيسَةً فَكَيْفَ يَصِحُّ إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَدِّ وَذَلِكَ يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ قَلِيلَ الصَّغَائِرِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ خِسَّةٌ كَتَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ فِي سُوقٍ فَهَذَا عَظِيمٌ وَيُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ فِيمَا يَشِينُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَشِينُ عُرْفًا قَوْلُهُ وَنَادِرُ الْكَذِبِ فِي غَيْرِ عَظِيمِ مَفْسَدَةٍ عَفْوٌ مُنْدَرِجٌ فِي قَلِيلِ الصَّغَائِرِ وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ فِيهَا كَذَّابٌ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدُ أَيْضًا ثُمَّ أَتَى بِلَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاعْتَرَضَهُ فِي قَوْلِهِ الْعَدَالَةُ الْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَذِبِ وَالْكَبَائِرِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ لَيْسَ مَعَهَا بِدْعَةٌ فَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ حَدَّهُ أَخْصَرُ وَبِأَنَّ فِيهِ حَشْوًا وَهُوَ الدِّينِيَّةُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ دِينِيَّةٌ وَغَيْرُهَا كَالتَّوَقِّي مَثَلًا وَلَا تَصِحُّ الْعَدَالَةُ شَرْعًا إلَّا مَعَ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ وَفِيهِ إجْمَالٌ فِي تَوَقِّي الصَّغَائِرِ لِاحْتِمَالِ جَمِيعِهَا أَوْ أَكْثَرِهَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) لِمَ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ الْكَذِبَ فِيهِ حَشْوٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الصَّغَائِرِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الصَّغَائِرِ

اسم الکتاب : شرح حدود ابن عرفة المؤلف : الرصاع    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست