responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 1  صفحة : 39
هَذِه الْعبارَة: مأَوْتُ الجِلْدَ ومَأَيْتُه ومَأَّيْتُه، فتَمَأَّى، وَلَو لم يَك فِي ذَلِك إِلَّا ذكرى الْبَسِيط الَّذِي هُوَ مَأَوْتُ ومَأَيْتُ، وحملي عَلَيْهِ الانفعال المتركب بِالزِّيَادَةِ، الَّذِي هُوَ تمأَّى، وَإِنَّمَا اعني بالانفعال هُنَا: التفَعُّل، وآثرته، لِأَنَّهَا عبارَة المنطقيين. وَكَقَوْلِه التَّناوُش: التناوُل، والنَّوش مِنْهُ، نُشْت أنوش. وَقلت أَنا مَكَان ذَلِك: نُشْتُ الشَّيْء نَوْشا تناولته، والتَّناوُش من النَّوْش: كالتناوُل من النَّوْل، أَولا ترى إِلَى اخْتِصَار هَذِه الْعبارَة وإجادتها، وحملي مُرَكَّبَها على بسيطها؟ إِلَى غير ذَلِك، مِمَّا لَو تقصّيته لطالت بِهِ خطْبَة كتابي، واكثر المتدرسون عَلَيْهِ عتابي، وَلَكِنِّي اقْتصر من ذَلِك على التَّمْثِيل، مغنيا بِهِ عَن التَّفْصِيل.
وَأما مَا فِي كتاب " الْإِصْلَاح " و" الْأَلْفَاظ "، وَكتب ابْن الأعرابيّ، وَأبي زيد، وَأبي عُبَيْدَة، والأصمعي وَغَيرهم، من أَمْثَال هَذَا الَّذِي وصفت، فاكثر من أَن يُحْصى مدده، أَو يحصر عدده، وَهل يقوم بانتقاد هَذَا النَّوْع إِلَّا مثلي، من ذَوي الْحِفْظ الْجَلِيل، والاضطلاع بِعلم النَّحْو وصناعة التَّحْلِيل، وَإِن كنت بَين حثالة جهلت فضلي، وأساء الدَّهْر فِي جمعهم بمثلي، وَهل ينفع اليائس من الْحَيَاة بكاه، احْمَد الله على كل حَال وَلَا أتشكَّاه.
وَمن غَرِيب مَا تضمنه هَذَا الْكتاب، تَمْيِيز أَسمَاء الجموع من الجموع، والتنبيه على الْجمع الْمركب، وَهُوَ لذِي يُسَمِّيه النحويون جمع الْجمع، فَإِن اللغويين جمًّا لَا يميزون الْجمع من اسْم الْجمع، وَلَا ينتبهون على جمع الْجمع. وَمن الْأَبْنِيَة مَا يجوز أَن يكون جمعا، وَأَن يكون جمع جمع، وَذَلِكَ أدقّ مَا فِي هَذَا الْجِنْس المُقتضي للْجمع، فَإِذا مَرَرْنَا فِي كتَابنَا بِمثل هَذَا النَّوْع من الْجمع، أعلمنَا أَيهمَا أولى بِهِ: الْجمع أم جمع الْجمع، كَقَوْلِه تَعَالَى: (فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ) . فَهَذَا إِمَّا أَن يكون جمع رهن، كسَحْل وسُحُل، وسَقْف وسُقُف، وَإِمَّا أَن يكون رهن كُسِّر على رِهان، ثمَّ كسِّر رهان على رُهُن، فَيكون على هَذَا رُهُن جمع الْجمع، لِأَن الْجمع إِذا كَانَ على شكل الْوَاحِد، ثمَّ كسر، فَحكمه أَن يكسر على مَا كسر عَلَيْهِ الْوَاحِد المُشاكِلُ لَهُ فِي الْبناء؛ أَلا ترى أَن أَفْعُلاً نَحْو أَوْطُب، لما كُسِّر قيل أَوَاطب، كَمَا قيل فِي جمع أَبْلُمٍ، وَهِي لُغَة فِي أبْلَمٍ أبالم، لِأَن أوْطُبا بزنة أَبْلُمٍ، وَإِذا اتّفقت العِدَّتان فِي الْجمع وَالْوَاحد، وَإِن اخْتلفت الحركات، أَو اخْتلف بَعْضهَا - فَحكمهَا فِي الْجمع سَوَاء، وَذَلِكَ نَحْو: أسْقِيةٍ وأساقٍ، وأسوِرَةٍ وأساوِر، شبهه سِيبَوَيْهٍ بأَنْمُلَة وأنامِل، حِين لم يجد فِي الْوَاحِد أَفْعِلة، لم يجد شَيْئا أقرب إِلَيْهِ من أَفْعُلَة، فَإِذا كَانَ ذَلِك فِيمَا يخْتَلف بعض حركاته، كَانَ فِيمَا يتَّفق نَحْو أَوْطُبٍ وأبْلُمٍ أَجْدَر أَن يتَّفق فِي الْجمع؛ فَكَذَلِك رهان أَعنِي

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست