responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 1  صفحة : 36
كَانَت المطالب الجسيمة، والمناقب الْحرَّة الْكَرِيمَة، لابد لَهَا من اغتراق الجَلَد، واعتراق قوى المهجة والجسد، وَمن طلب الرَّوْضَة الأُنُف، ورَكَضَ إِلَيْهَا الجيادَ الخُنُف، ومِن حُكْم الرائد صدق الْأَهْل، " صَعْبُ العُلَى فِي الصّعب والسَّهلُ فِي السَّهل ".
ثمَّ انه عاقه عَن التصنيف فِيهَا مَا نيط بِهِ من علائق السِّياسة، وأعباء الرياسة، وشغله عَن ذَلِك مَا حُبِيَ بِهِ من إدارته الممالك، وتأمينه المسالك، وخوضه بقَدَاميس الجيوش المهالك، أروى الله سِنَانه، وَأطَال بنانه، وَزَاد حَيَاة جنانه، وأمْهَى فِي مُدَّة الْبَقَاء عِنانَه، فالتمس من يؤهِّل لذَلِك من لُباب عبيده، وصُيَّاب عَديده، فَوجدَ مِنْهُم فُضَلاءَ خِيارا، ونُبَلاءَ أحبارا، لَكِن رَآنِي أطولهم يدا، وأبعدهم فِي مضمار العِتاق مدى، فَأمرنِي بالتجرّد لهَذِهِ الْإِرَادَة، وكساني بذلك ثوب التنويه والإشادة، وَأرَانِي كَيفَ أملك عنان الْحَقِيقَة، وَمن أَي المآتي أسلك مِتان الطَّرِيقَة، فأطعت وَمَا أضعت، وأجدت كلما أردْت، فأعلقت وأفلقت، وألفت كتابي الملخص، الَّذِي سميته " المُخِصَّص "، وَهُوَ على التَّبْوِيب، فِي نِهَايَة التَّهْذِيب، وَقد أريتُ فِي صَدره: لم أردْت وَضعه على ذَلِك، وهيئته بكيفية ورتبته، مُوَدَعةٌ فِي سِرّ خُطْبَته.
ثمَّ أَمرنِي بالتأليف على حُرُوف المعجم، فصنَّفت كتابي " الموسوم بالمحكَم "، وَهُوَ الَّذِي اختطابي نداءٌ عَلَيْهِ، وخطابي لَك حُداء بك إِلَيْهِ. فَرد بَدَائِع زهره، ورد مشار نهره، وتمش فِي بساتينه، وقلَّب طرفك فِي تهاويل رياحينه، ومِلْ إِلَيْهِ عينا وأُذْنا، تأْنَقْ بِهِ نَعْمَةً

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست