responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 936
وضع الْأَلْفَاظ ووقف عباده عَلَيْهَا تَعْلِيما بِالْوَحْي أَو بِخلق علم ضَرُورِيّ فِي وَاحِد أَو جمَاعَة، وَلَيْسَت دلَالَة على الْمَعْنى لذاته كدلالته على اللافظ وَإِلَّا لوَجَبَ أَن لَا تخْتَلف اللُّغَات باخْتلَاف الْأُمَم، ولوجب أَن يفهم كل أحد معنى كل لفظ لِامْتِنَاع انفكاك الدَّلِيل على الْمَدْلُول] .
ثمَّ إِن اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى لَهُ جهتان: جِهَة إِدْرَاكه بالذهن، وجهة تحَققه فِي الْخَارِج. . فَهَل الْوَضع لَهُ بِاعْتِبَار الْجِهَة الأولى أَو بِالثَّانِيَةِ أَو من غير نظر إِلَى شَيْء مِنْهُمَا، فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب:
أَحدهمَا: أَنه مَوْضُوع للمعنى الْخَارِجِي لَا الذهْنِي.
وَالثَّانِي: أَنه مَوْضُوع للمعنى الذهْنِي وَإِن لم يُطَابق الْخَارِج لدوران الْأَلْفَاظ مَعَ الْمعَانِي الذهنية وجودا وعدماً، فَإِن من رأى شبحاً من بعيد تخيله طللاً سَمَّاهُ طللاً، فَإِذا تحرّك فَظَنهُ شَجرا سَمَّاهُ شَجرا، فَإِذا قرب مِنْهُ وَرَآهُ سَمَّاهُ رجلا.
وَالثَّالِث: أَنه مَوْضُوع للمعنى من حَيْثُ هُوَ من غير تَقْيِيد بخارجي أَو ذهني، واستعماله فِي أَيهمَا كَانَ اسْتِعْمَال حَقِيقِيّ، وَلَيْسَ لكل معنى لفظ مَوْضُوع لَهُ فَإِن من الْمعَانِي مَا لم يوضع لَهُ لفظ كأنواع الروائح.
والوضع يخص الْحَقِيقَة، والاستعمال يعمها، وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة أَيْضا، والأدلة الدَّالَّة على تعْيين الْوَاضِع ضَعِيفَة.
الْوَحْي: هُوَ الْكَلَام الْخَفي يدْرك بِسُرْعَة لَيْسَ فِي ذَاته مركبا من حُرُوف مقطعَة تتَوَقَّف على تموجات
متعاقبة.
وَفِي " الْأَنْوَار ": أَن سيدنَا مُوسَى تلقى الْكَلَام تلقياً روحانياً، ثمَّ تمثل ذَلِك الْكَلَام لبدنه وانتقل إِلَى الْحس الْمُشْتَرك فانتقش بِهِ من غير اخْتِصَاص بعضو وجهة.
وَهُوَ كَمَا نَص الله عَلَيْهِ على ثَلَاثَة بِلَا وَاسِطَة، بل يخلق الله فِي قلب الموحى إِلَيْهِ علما ضَرُورِيًّا بِإِدْرَاك مَا شَاءَ الله تَعَالَى إِدْرَاكه من الْكَلَام النَّفْسِيّ الْقَدِيم الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَهَذِه حَالَة محمدية لَيْلَة الْإِسْرَاء على مَذْهَب طَائِفَة. أَو بِوَاسِطَة خلق أصوات فِي بعض الْأَجْسَام كَحال مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. أَو بإرسال ملك، وَمَا يُدْرِكهُ الْملك من النَّوْع الأول. وَهَذَا غَالب أَحْوَال الْأَنْبِيَاء. وَإِلَى الأول الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا} .
وَإِلَى الثَّانِي: {أَو من وَرَاء حجاب} .
وَإِلَى الثَّالِث: {أَو يُرْسل رَسُولا} .
وَالثَّانِي قد يطلع عَلَيْهِ غير الموحى اليه كَمَا سمع السبعون حِين مضوا إِلَى الْمِيقَات؛ كَمَا سَمعه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
وَالثَّالِث يُشَارك فِيهِ الْملك.
وَأما الأول فهومكتتم أَي اكتتمام، وَقد نظمت فِيهِ:
(لمِوْلاَنَا رَسُولِ اللهِ نَشْآتٌ فَخُذْ نظما ... كَلَام الله فِي كلٍ من النشآت مراتِ)

(للاهوتيةٍ مِنْهَا كَلَام صَار مُسْتَغْنى ... بَرِيئًا من حُرُوف خَارِجا من جنس أصوات)

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 936
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست