responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 933
{حَتَّى تؤمنوا بِاللَّه وَحده} أَي: وَاحِدًا لَا شريك لَهُ لَا أَن تخصوا الْإِيمَان بِهِ دون غَيره، كَيفَ وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله} وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى وصف لَازم لَهُ تَعَالَى لَا يَنْفَكّ عَنهُ بِحَال، فعلى الْمَعْنى الأول يكون حَالا منتقلة، وعَلى الْمَعْنى الثَّانِي يكون مُؤَكدَة.
وَالْفرق بَين (وَحده) وَبَين (لَا شريك لَهُ) أَن وَحده يدل على نفي الشَّرِيك التزاماً، و (لَا شريك لَهُ) يدل عَلَيْهِ مُطَابقَة وَلِهَذَا ذكرت بعْدهَا لزِيَادَة التوكيد الْمُنَاسب لمقام التَّوْحِيد.
وللمتكلمين دَلَائِل كَثِيرَة فِي إِثْبَات الوحدانية كَمَا نقل عَن الإِمَام الرَّازِيّ أَنه اسْتدلَّ بِأَلف وَعشْرين دَلِيلا، لَكِن الْمَشْهُور بَينهم هُوَ الدَّلِيل الملقب ببرهان التمانع.
وللحكماء أَيْضا دَلَائِل جمة على ثُبُوت الوحدانية لَهُ تَعَالَى مُغَايرَة لدلائل الْمُتَكَلِّمين. [يستدلون بالأثر على الْمُؤثر كالسماء وَالْأَرْض على مَا هُوَ الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور لِكَوْنِهِمَا أعظم الْمَخْلُوقَات فصارا أدل على وجود الصَّانِع ووحدته وعظمته وَكَيف وهما محيطان بِالْكُلِّ من الأفلاك وَالْكَوَاكِب وحركاتها وأوضاعها وَالْأَحْوَال المتعاقبة بهَا، وَمن طَبَقَات العناصر وغرائب امتزاجاتها وأحوال المعان والنباتات والحيوانات لَا سِيمَا الْإِنْسَان وَمَا أودع فِي بدنه مِمَّا يشْهد بِهِ علم التشريح فَلَا فرق الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض وَبَين المواليد كَمَا توهم من أَن دلَالَة المواليد دون دلالتهما فَإِنَّهُ قد
يتَوَهَّم أَن محدثها غير الْوَاجِب من الأوضاع والاتصالات بِنَاء على تَجْوِيز عدم تناهي الْحَوَادِث المتعاقبة بِخِلَاف الأَرْض وَالسَّمَاء وَهَذَا توهم بعيد جدا فَإِنَّهُ قد يجوز التسلسل فِي العدمات المتعاقبة لَا فِي الْعِلَل والمعلولات المجتمعة مَعًا فَلَا بُد لتِلْك الأوضاع والاتصالات بل للمواليد من مُحدث يَنْتَهِي إِلَى الْوَاجِب كَمَا يُقَال عِنْد الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض، ومبنى الْكل على أَن افتقار الْمُمكن إِلَى الموجد والحادث إِلَى الْمُحدث ضَرُورِيّ وَأما الْحُكَمَاء فهم يستدلون بِالنّظرِ فِي الْوُجُود لِأَنَّهُ وَاجِب أَو مُمكن على إِثْبَات الْوَاجِب ثمَّ بِالنّظرِ فِيمَا يلْزم الْوُجُوب والإمكان على صِفَاته ثمَّ يستدلون بصفاته على كَيْفيَّة صُدُور أَفعاله عَنهُ وَرجح أَبُو عَليّ هَذَا الطَّرِيق فِي " الإشارات " فَإِنَّهُ أوثق وأشرف لِأَن أولى الْبَرَاهِين لإعطاء الْيَقِين هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْعِلَّةِ على الْمَعْلُول وَأما عَكسه فَرُبمَا لَا يُفِيد الْيَقِين] .
(وَالْحق أَنه بعد مَا ثَبت أَن للْعَالم صانعاً قَدِيما موجداً، لَهُ على وفْق إِرَادَته، منشئاً لِلْخلقِ من مَرْكَز الْعَدَم إِلَى دَائِرَة الْوُجُود يجب القَوْل باتصافه بِجَمِيعِ مَا يَلِيق بِهِ من غير احْتِيَاج إِلَى دَلِيل) [ثمَّ إِن الدَّلِيل] وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن فَائِدَة إِذْ رُبمَا يحصل زِيَادَة تَحْقِيق فِي أَمْثَال هَذِه المقامات بتكثير الْوُجُوه والأذهان مُتَفَاوِتَة فِي الْقبُول، فَرُبمَا يحصل للْبَعْض مِنْهَا الاطمئنان بِبَعْض الْوُجُوه دون الْبَعْض، أَو باجتماع الْكل مَعَ مَا فِي كل وَاحِد مِنْهَا من مجَال المناقشة. وَلِهَذَا كَانَ إِيمَان كثير من

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 933
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست