responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 931
تَركه من الْإِخْلَال بالحكمة فرُدَّ كل مِنْهُمَا. أما الأول فبأن الله تَعَالَى لَا يسْتَحق الذَّم على فعل وَلَا على ترك لِأَنَّهُ الْمَالِك على الْإِطْلَاق، وَهُوَ الَّذِي لَا يسْأَل عَمَّا يفعل فضلا عَن اسْتِحْقَاق الذَّم.
وَأما الثَّانِي فَلَا نسلم أَن شَيْئا من أَفعاله تَعَالَى يكون بِحَيْثُ يخل تَركه بحكمةٍ لجَوَاز أَن يكون لَهُ فِي كل فعل أَو ترك حكم ومصالح لَا تهتدي إِلَيْهَا الْعُقُول البشرية، على أَنه لَا معنى للُزُوم عَلَيْهِ تَعَالَى إِلَّا عدم التَّمَكُّن من التّرْك، وَهُوَ يُنَافِي الِاخْتِيَار الَّذِي ادَّعَوْه فِي أَفعاله تَعَالَى، وَلِهَذَا أضطر الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُم إِلَى أَن معنى الْوُجُوب على الله أَنه يَفْعَله الْبَتَّةَ وَلَا يتْركهُ وَإِن كَانَ التّرْك جَائِزا.
الْوحدَة: وحد الرجل يحد وحداً ووحدة من بَاب (علم) أَي بَقِي مُنْفَردا.
و" رَأَيْته وَحده " أَي حَال كَونه وَاحِدًا أَو منفرداُ مَنْصُوب على الْحَال عِنْد الْبَصرِيين، وَقيل: على المصدرية (أَي وحد وَحده) . وَقيل: على الظَّرْفِيَّة (أَي فِي حَال وحدته) .
وَلَفْظَة (وَحده) إِذا وَقعت بعد فَاعل ومفعول نَحْو: (ضرب زيد عمرا وَحده) فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه حَال من الْفَاعِل أَي موحداً لَهُ بِالضَّرْبِ، وَمذهب الْمبرد أَنه يجوز أَن يكون حَالا من الْمَفْعُول.
والوحدة: كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم، وتتنوع أنواعاً خص الِاصْطِلَاح كل نوع مِنْهَا باسم تسهيلاً للتعبير، وَهِي فِي النَّوْع مماثلة، وَفِي الْجِنْس مشاكلة، وَفِي الكيف مشابهة، وَفِي الْكمّ مُسَاوَاة، وَفِي الْوَضع موازاة ومحاذاة، وَفِي
الْأَطْرَاف مُطَابقَة، وَفِي النِّسْبَة مُنَاسبَة.
وَتطلق وَيُرَاد بهَا عدم التجزئة والانقسام؛ وَيكثر إِطْلَاق الْوَاحِد بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقد تطلق بِإِزَاءِ التَّعَدُّد وَالْكَثْرَة، وَيكثر إِطْلَاق الْأَحَد والفرد بِهَذَا الْمَعْنى.
ووحدة الْبَارِي وحدة ذاتية.
ووحدة النقطة لَا تعْتَبر من الْعدَد إِذْ لَا يُمكن التَّعَدُّد فِيهَا.
وَالْوَاحد لَهَا مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: مَا قَامَت بِهِ الْوحدَة وَهُوَ كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم إِلَى أُمُور متشاركة فِي الْمَاهِيّة، ويقابلها الْكَثْرَة، فالواحد بِهَذَا الْمَعْنى لَا يَنْقَسِم وَلَا يتَجَزَّأ، وَهُوَ الْوَاحِد الْحَقِيقِيّ، وَلَا يُوصف بِهِ إِلَّا الْبَسِيط فِي أحد معنييه كالجوهر الْفَرد عِنْد الأشعرية والنقطة عِنْد المهندسين والجوهر المفارق عِنْد الْحُكَمَاء.
وَالثَّانِي: مَا لَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَلَا شَبيه لَهُ فِي أَفعاله وَصِفَاته. وَلَيْسَ فِي الْوُجُود من يَتَّصِف بالمعنيين حَقِيقَة سوى الله تَعَالَى لِأَن مَا لَا يتَجَزَّأ من الموجودات كالجوهر الْفَرد يَنْضَم إِلَى مثله وَأَمْثَاله، وَمَا لَا نَظِير لَهُ مِنْهَا كالعرش والكرسي.
وكل مَا انحصر نَوعه فِي شخصه كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر فإثبات النظير لَهَا مُمكن، والباري سُبْحَانَهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِ التجزيء والانقسام فَلَا مثل لَهُ وَلَا نَظِير وَلَا شَبيه (شهِدت بِهِ الْأَدِلَّة القطعية) .
وَاعْلَم أَن للتوحيد ثَلَاث مَرَاتِب:
مرتبَة تَوْحِيد الذَّات وَهُوَ مقَام الِاسْتِهْلَاك والفناء فِي الله فَلَا مَوْجُود [فِي الْحَقِيقَة] إِلَّا الله.

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 931
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست