responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 708
[وَالْقُدْرَة الَّتِي يصير الْفِعْل بهَا مُتَحَقق الْوُجُود وَهِي تقارن الْفِعْل عِنْد أهل السّنة والأشاعرة خلافًا للمعتزلة لِأَنَّهَا عرض لَا يبْقى زمانين فَلَو كَانَت سَابِقَة لوجد الْفِعْل حَال عدم الْقُدْرَة، وَأَنه محَال، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ على تَقْدِير تَسْلِيم عدم بَقَاء مثل هَذِه الْأَعْرَاض لَا يلْزم من التحقق قبل الْفِعْل كَون الْفِعْل بِدُونِ الْقُدْرَة لجَوَاز أَن يبْقى نوع ذَلِك الْعرض بتجدد الْأَمْثَال]
وَالْقُدْرَة الممكنة: هِيَ أدنى قُوَّة يتَمَكَّن بهَا الْمَأْمُور من أَدَاء مَا لزمَه بدنيا أَو ماليا، وَهَذَا النَّوْع شَرط لكل حكم
وَالْقُدْرَة الميسرة: هِيَ مَا يُوجب الْيُسْر على الْمُؤَدِّي، فَهِيَ زَائِدَة على الممكنة بِدَرَجَة فِي الْقُوَّة إِذْ بهَا يثبت الْإِمْكَان
[وَفرق بَين القدرتين فِي الحكم وَهُوَ أَن الممكنة شَرط مَحْض حَيْثُ يتَوَقَّف أصل التَّكْلِيف عَلَيْهَا فَلَا يشْتَرط دوامها لبَقَاء الْوَاجِب، وَأما الميسرة فَلَيْسَتْ شرطا مَحْضا حَتَّى لم يتَوَقَّف التَّكْلِيف عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مُغيرَة لصفة الْوَاجِب من مُجَرّد الْإِمْكَان إِلَى صفة الْيُسْر على معنى أَنه إِذا كَانَ جَائِزا من الله تَعَالَى أَن يُوجب على عباده بِدُونِ هَذِه الْقُدْرَة فَكَانَ اشْتِرَاط الْقُدْرَة الميسرة تيسيرا لأمر الْعباد لطفا مِنْهُ وفضلا، بِخِلَاف الممكنة، إِذْ لَا يجوز التَّكْلِيف إِلَّا بهَا فَلَا يكون اشْتِرَاطهَا لليسر بل للتمكين]
وَالْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة: أَن الْقُدْرَة مُقَارنَة للْفِعْل، وَمَعَ ذَلِك تصلح للضدين، فالفاعل إِذا فعل إِنَّمَا فعل بِالْقُدْرَةِ الَّتِي خلقهَا الله مُقَارنَة للْفِعْل لَا سَابِقَة عَلَيْهِ، وَأما إِذا لم يفعل فَلَا نقُول: إِن الله لم يخلق الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة، بل يُمكن أَنه خلقهَا، وَمَعَ ذَلِك لم يفعل العَبْد
والتوسط بَين الْقدر والجبر مَبْنِيّ على أَن الْقُدْرَة [تصلح للضدين فَإِن الْآلَات والأدوات الْمعدة لتعميم الْقُدْرَة النَّاقِصَة صَالِحَة للضدين كاللسان يصلح للصدق وَالْكذب وَغير ذَلِك، وكاليد تصلح لقتل الْكفَّار ولسفك دِمَاء الْمُسلمين، وَكَذَا حَقِيقَة الْقُدْرَة الَّتِي يحصل بهَا الْفِعْل مثلا السَّجْدَة لصنم مَعْصِيّة وَالله تَعَالَى طَاعَة، وَالِاخْتِلَاف بَينهمَا من حَيْثُ الْإِضَافَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَقصد الْفَاعِل وَأما السَّجْدَة فَلَا تفَاوت فِي ذَاتهَا، وَكَذَا حَرَكَة اللِّسَان لَا تَتَفَاوَت بَين الصدْق وَالْكذب وَالْقُدْرَة إِنَّمَا صَارَت شرطا أَو عِلّة للْفِعْل من حَيْثُ ذَاته لَا من حَيْثُ النِّسْبَة إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وَالْقَصْد فصح أَن الْقُدْرَة الْوَاحِدَة تصلح للضدين إِلَّا أَنَّهَا إِذا صرفت إِلَى الطَّاعَة سميت تَوْفِيقًا، وَإِذا صرفت إِلَى الْمعْصِيَة سميت خذلانا وَذَلِكَ لَا يُوجب اخْتِلَافا فِي ذَاتهَا] مَعَ الْفِعْل مَعَ أَنَّهَا تصلح للضدين

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 708
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست