responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 37
قَالَ بَعضهم: الِاتِّحَاد شُهُود الْوُجُود الْحق الْوَاحِد الْمُطلق الَّذِي لكل مَوْجُود بِالْحَقِّ فيتحد بِهِ الْكل من حَيْثُ كَون كل شَيْء مَوْجُودا بِهِ مَعْدُوما بِنَفسِهِ، لَا من حَيْثُ أَنه لَهُ وجودا خَاصّا اتَّحد بِهِ فَإِنَّهُ محَال، واتحاد الشَّيْء بأَشْيَاء كَثِيرَة مُمْتَنع بِخِلَاف انطباق الصُّورَة الْوَاحِدَة على أَشْيَاء كَثِيرَة [وَاعْلَم أَن الْأُمَم قد اخْتلفُوا فِي أَنه هَل يجوز أَن يتحد موجودان بحث لَا تبقى الأثنينية بَينهمَا أم لَا؟ ، فَذهب الْمُحَقِّقُونَ أَن امْتِنَاعه وَمَال إِلَيْهِ طَائِفَة من متألهة الفلاسفة فَقَالَ بَعضهم باتحاد النَّفس مَعَ الْبدن، وَذهب بَعضهم إِلَى اتِّحَاد النَّفس مَعَ الْعقل الغول، وَزعم قوم من الْمَشَّائِينَ أَن النَّفس إِذا عقلت شَيْئا اتّحدت مَعَ الصُّورَة المعقولة، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو عَليّ وَذهب قوم من متصوفة الْإِسْلَام إِلَى أَن الْمُنْقَطع عَن الدُّنْيَا المتوجه إِلَى الله تَعَالَى قد يتحد مَعَ الله تَعَالَى؛ وَزعم قوم من النَّصَارَى أَن الِاتِّحَاد هُوَ الممازجة بِحَيْثُ لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر كممازجة المَاء مَعَ اللَّبن، وَهَذَا غير متنازع فِيهِ، إِلَّا إِذا ادعوا ذَلِك فِي الله سُبْحَانَهُ وَالْمَشْهُور عِنْد الْعلمَاء فِي ابطال الِاتِّحَاد هُوَ أَنَّهُمَا بعد الِاتِّحَاد إِن بقيا موجودين فهما اثْنَان وَإِن عدما أَو أَحدهمَا فَلَا اتِّحَاد لِأَن الْمَعْدُوم لَا يتحد بالمعدوم وَلَا بالموجود وَفِيه أَن الاثنينية فِي صُورَة كَونهَا بوجودين وتعينين، وَلم لَا يجوز أَن يَكُونَا بعد الِاتِّحَاد موجودين بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد كَمَا فِي الْجِنْس والفصل فَإِنَّهُمَا حقيقتا مغايرين موجودتان بِوُجُود وَاحِد وَتعين وَاحِد وَهَذَا مَا اتّفق عَلَيْهِ الْحُكَمَاء] وَفِيه مناظرة لبَعض الْفُضَلَاء جرت بِبَعْض النَّصَارَى فهاك ملخصه
قَالَ: قلت لَهُ: هَل تسلم أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول؟ فَإِن انكرت لزمك أَنه لَا يكون الله قَائِما، لِأَن دَلِيل وجوده هُوَ الْعَالم، فَلَزِمَ من عدم الْعَالم، وَهُوَ الدَّلِيل، عدم الْمَدْلُول فَإِذا جوزت اتِّحَاد كلمة الله بِعِيسَى أَو حلولها فِيهِ، فَلم خصصت بِهِ؟ وَكَيف عرفت أَنَّهَا مَا حلت فِي سَائِر الْخلق؟ فَقَالَ: إِنَّمَا اثبتنا ذَلِك بِنَاء على مَا ظهر على يَد عِيسَى من إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الأكمه والابرص وَلم نجد شَيْئا من ذَلِك فِي يَد غَيره
فَقلت لَهُ: قد سلمت أَن عدم الدَّلِيل لَا يدل على عدم الْمَدْلُول، فَلَا يلْزم من عدم ظُهُور هَذِه الخوارق على يَد غَيره من الْمَخْلُوق عدم ذَلِك الْحُلُول، فَثَبت أَنَّك مهما جوزت القَوْل بالاتحاد والحلول لزمك تَجْوِيز حُصُول ذَلِك فِي سَائِر الْمَخْلُوق فَإِن قيل: الْمَعْنى بالإلهية أَنه حلت فِيهِ صفة الْإِلَه، فَالْجَوَاب: هَب أَنه كَانَ كَذَلِك، لَكِن الْحَال هُوَ صفة الْإِلَه، والمسيح هُوَ الْمحل مُحدث مَخْلُوق، فَكيف يُمكن وَصفه بالالهية؟ وَلَو كَانَ الله تَعَالَى ولد فَلَا بُد أَن يكون من جنسه، فَإِذن قد اشْتَركَا من بعض الْوُجُوه، فَإِن لم يتَمَيَّز فَمَا بِهِ الامتياز غير مَا بِهِ الِاشْتِرَاك، فَيلْزم التَّرْكِيب فِي ذَات الله تَعَالَى، وكل مركب مُمكن، فَالْوَاجِب مُمكن، وَهنا خلف هَذَا كُله على الِاتِّحَاد والحلول فَإِن قَالُوا: معنى كَونه إِلَهًا أَنه سُبْحَانَهُ خص نَفسه أَو بدنه بِالْقُدْرَةِ على خلق الْأَجْسَام وَالتَّصَرُّف فِي هَذَا الْعَالم، فَهَذَا أَيْضا بَاطِل، كَيفَ وَإِنَّهُم قد نقلوا عَنهُ الضعْف وَالْعجز، وَأَن الْيَهُود

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست