responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 217
الْإِيمَان والنور الْمَذْكُور لَا يُفِيد، كَمَا لَا يُفِيد العطشان تصور المَاء الْبَارِد وَلَا التَّلَفُّظ بِهِ
وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَيْضا أَن كثيرا من الْآيَات وَالْأَحَادِيث يدل على أَن الْإِيمَان مُجَرّد الْعلم، مثل قَوْله تَعَالَى: {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله} وَقَول رَسُوله: " من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة "
وَالْإِيمَان الْمُجْمل: يتم بِشَهَادَة وَاحِدَة عِنْد أبي حنيفَة، ثمَّ يجب عَلَيْهِ الثَّبَات والتقرر بأوصاف الْإِيمَان، وَعند الشَّافِعِي: يتم بشهادتين ثمَّ يجب عَلَيْهِ سَائِر أَوْصَاف الْإِيمَان وشرائطه [وَلم يثبت التَّعَبُّد من الشَّارِع بِلَفْظ (أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله) بل يَصح بِكُل لفظ دَال على الْإِقْرَار والتصديق وَلَو بِغَيْر الْعَرَبيَّة مَعَ إحسانها، وَكَذَا يَصح بترك القَوْل
وَالْإِيمَان الإجمالي كَافِي فِي الْخُرُوج عَن عُهْدَة التَّكْلِيف فِيمَا لَو خطّ إِجْمَالا، وَيشْتَرط التَّفْصِيل فِيمَا لَو خطّ تَفْصِيلًا، فَيَكْفِي فِي الْإِجْمَال التَّصْدِيق بِجَمِيعِ مَا علم بِالضَّرُورَةِ مَجِيء الرَّسُول بِهِ، أَي بِعلم كل أحد كَونه من الدّين من غير افتقار إِلَى الِاسْتِدْلَال، كوحدة الصَّانِع وَعلمه وَوُجُوب الصَّلَاة وَحُرْمَة الْخمر، وَلَو لم يصدق مِنْهَا عِنْد التَّفْصِيل كَانَ كَافِرًا بالِاتِّفَاقِ، كَمَا فِي شرح " الْمَقَاصِد " وَغَيره]
(وَاخْتلف فِي أَن الْإِيمَان مَخْلُوق أم لَا) فَمن قَالَ إِنَّه مَخْلُوق أَرَادَ بِهِ فعل العَبْد وَلَفظه؛ وَمن قَالَ غير مَخْلُوق - كَمَا هُوَ عندنَا - أَرَادَ بِهِ كلمة الشَّهَادَة، لِأَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق أَي الحكم بِالصّدقِ، وَهُوَ إِيقَاع نِسْبَة الصدْق إِلَى النَّبِي بِالِاخْتِيَارِ
وَأما الاهتداء فَهُوَ مَخْلُوق، لِأَنَّهُ الْحَالة الْحَاصِلَة بالتصديق، فالإيمان مصدر والاهتداء هُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة بِالْمَصْدَرِ، فَيكون بخلقه تَعَالَى، لِأَن الْقُدْرَة مُقَارنَة بخلقه، فبمعنى الْهِدَايَة غير مَخْلُوق، وَبِمَعْنى الْإِقْرَار وَالْأَخْذ فِي الْأَسْبَاب مَخْلُوق، وَالْخلاف لَفْظِي
وَأما الْإِسْلَام: فَهُوَ من الاستسلام لُغَة
وَفِي الشَّرْع: الخضوع وَقبُول قَول الرَّسُول؛ فَإِن وجد مَعَه اعْتِقَاد وتصديق بِالْقَلْبِ فَهُوَ الْإِيمَان
وَالْإِيمَان بعد الدَّلِيل أَكثر من الْإِيمَان قبل الدَّلِيل، وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَكِن أَكثر النَّاس} وَفِي مَوضِع آخر: {كثير من النَّاس}
وإيمان الْمَلَائِكَة مطبوع، والأنبياء مَعْصُوم، وَالْمُؤمنِينَ مَقْبُول، والمبتدعين مَوْقُوف، وَالْمُنَافِقِينَ مَرْدُود
وَمثل إِيمَان الْيَأْس كشجر غرس فِي وَقت لَا يُمكن فِيهِ النَّمَاء
وَمثل تَوْبَة الْيَأْس كشجر نابت الثَّمر فِي الشتَاء عِنْد ملائمة الْهَوَاء؛ وَالْحق أَن إِيمَان الْيَأْس مَقْبُول، كَمَا فِي قوم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام

اسم الکتاب : الكليات المؤلف : الكفوي، أبو البقاء    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست