اسم الکتاب : الفروق اللغوية المؤلف : العسكري، أبو هلال الجزء : 1 صفحة : 120
يكون الله من الاشياء وَقَوْلنَا إِنَّه قبلهَا أَو بعْدهَا لم يُوجب أَنه مِنْهَا وَلَا أَنه شَيْء إِلَّا أَنه لاي يجوز أَن يُطلق ذَلِك دون أَن يُقَال إِنَّه قبل الْأَشْيَاء الموجوده سواهُ أَو بعْدهَا فَيكون اسْتِثْنَاؤُهُ من الْأَشْيَاء لَا يُخرجهُ من أَن يكون شَيْئا وَقبل وَبعد لَا يقتضيان زَمَانا وَلَو اقتضايا زَمَانا لم يَصح أَن يستعملا فِي الْأَزْمِنَة والأوقات بِأَن يُقَال بَعْضهَا قبل بعض أَو بعده لأَنْت ذَلِك يُوجب للزمان زَمَانا وَغير مستنكر وجود زمَان لَا فِي زمَان وَوقت لَا فِي وَقت وَقبل مضمنة بالاضافة فِي الْمَعْنى وَاللَّفْظ وَرُبمَا حذفت الاضافة احتزاء ببا فِي الْكَلَام من الدّلَالَة عَلَيْهَا وأصل قبل الْمُقَابلَة فَكَأَن الْحَادِث الْمُتَقَدّم قد قَابل الْوَقْت الأول والحادث الْمُتَأَخر قد بعد عَن الْوَقْت الأول مَا يتسقبل وَالْآخر يَجِيء على تَفْصِيل الِاثْنَيْنِ تَقول أَحدهمَا كَذَا وَالْآخر كَذَا وَالْأول وَالْآخر يُقَال بالاضافة يُقَال أَوله كَذَا وَآخره إِلَّا فِي أَسمَاء الله تَعَالَى وَالْأول الْمَوْجُود قبل وَالْآخر الْمَوْجُود بعد
الْفرق بَين السَّابِق وَالْأول
أَن السَّابِق فِي أصل اللُّغَة يَقْتَضِي مَسْبُوقا وَالْأول ثَانِيًا أَلا ترى أَنَّك تَقول هَذَا أول مَوْلُود ولد
لفُلَان وَإِن لم يُولد لَهُ غَيره وَتقول أول عبد يملكهُ حر وَإِن لم يملك غَيره وَلَا يخرج العَبْد وَالِابْن من معنى الِابْتِدَاء وَبِهَذَا يبطل قَول الْمُلْحِدِينَ إِن الأول لَا يُسمى أَولا إِلَّا بالاضافة إِلَى ثَان وَأما تَسْمِيَة الله تَعَالَى بِأَنَّهُ سَابق يُفِيد أَنه مَوْجُود قبل كل مَوْجُود وَقَالَ بَعضهم لَا يُطلق ذَلِك فِي الله تَعَالَى إِلَّا مَعَ الْبَيَان لِأَنَّهُ يُوهم أَن مَعَه أَشْيَاء مَوْجُودَة فِي سبقها وَلذَلِك لَا يُقَال إِن الله تَعَالَى أسبق من غَيره لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الزِّيَادَة فِي السَّبق وَزِيَادَة أحد الموصوفين على الآخرت فِي الصّفة يُوجب اشتراكهما فِيهَا فِي السَّبق وَزِيَادَة أحد الموصوفين على الآخر فِي الصّفة يُوجب اشتراكهما فِيهَا من وجة أَو من وُجُوه