اسم الکتاب : الزاهر في معاني كلمات الناس المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 23
(ولما رأينا البينَ قد جَدَّ جِدُّهُ ... ولم يبقَ إلاّ أنْ تزولَ الركائبُ) (116)
(مررنا فسلَّمنا سلاماً مخالساً ... فردَّت علينا أعينٌ وحواجبُ) (56)
ويكون الجد: الحقّ، كقولك: جِد في الجِدِّ ودع الهزلَ. قال الشاعر:
(هزلتْ وجدَّ القولُ فاحتجبتْ ... فبقيت بين الجِدِّ والهزلِ) (57)
ومن ذلك قولهم في القنوت: (ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابك الجدَّ بالكفارِ مُلْحِقٌ) [58] . معناه: إنّ عذابك الحقّ. ومنه قولهم: هو عالم جِداًّ، بكسر الجيم، معناه: هو عالم حقّاً حقّاً. والعامة تُخطىء فتفتح الجيم، وأنشد الفراء:
(إنَّ الذي بيني وبينَ بني أبي ... وبينَ بني عَمِّي لمختلفٌ جِدّاً) (59)
والوجه الثالث: قول الناس: ولا ينفع ذا الجِدّ منك الجِدّ بكسر الجيم، قال أبو بكر: قال أبو عبيدة [60] : هو خطأ، لأن الجد: الانكماش، والله عز وجل قد دعا الناس وأمرهم بالانكماش في طاعته فقال: {قد أفلح المؤمنونَ الذينَ هم في صلاتِهم خاشعونَ} [61] وقال: {يا أيها الرسلُ كلوا من الطيباتِ واعملوا صالحاً} [62] ، وقال: {إنَ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ إنّا لا نضيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عَملاً} [63] . قال أبو عبيد: ولا يجوز أن يأمرهم بالانكماش ويدعوهم إليه ثم يقول: لا ينفعهم انكماش. (117)
قال أبو بكر: ولا أظن الذين رووا هذا بكسر الجيم ذهبوا إلى المعنى الذي أنكره أبو عبيد ولكنهم أرادوا: ولا ينفع ذا الانكماش / والحرص على الدنيا (11 / أ) انكماشه وحرصه عليها، إنما ينفعه العمل للآخرة.
(56) الحماسة البصرة 2 / 103 بلا عزو.
(57) ك: واحتجبت. ولم أقف على البيت. [58] النهاية 4 / 238.
(59) للمقنع الكندي في شرح ديوان الحماسة (م) 1179. وينظر الأضداد: 207. [60] غريب الحديث 1 / 258. [61] المؤمنون 2. [62] المؤمنون 51. [63] الكهف 30.
اسم الکتاب : الزاهر في معاني كلمات الناس المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 23