اسم الکتاب : مناهج البحث في اللغة المؤلف : تمام حسان الجزء : 1 صفحة : 71
تسجيل الصوت:
يعتبر التسجيل، كما أشرنا من قبل، توسيعًا لمدى الملاحظة بإدخال عنصر الدوام على النطق، وهذا الدوام استمرا بالقوة[1] للنطق، حتى تبدأ إدارة الإسطوانة، فيصير استمرارا بالفعل، وذلك؛ لأن الأسطوانة باقية دائما ومدارة أحيانا، ومثل ذلك يقال عن الشريط، ووسائل التسجيل الأخرى، وتمكن الإعادة غير المحدودة العدد، لنطق خاص على الأسطوانة برفع ذراع الإبرة عن المكان، الذي ينتهي فيه النطق، ووضعها ثانية في المكان الذي بدأ فيه، ويستطيع الطالب أن يتقن هذه العملية إتقانا لا حد له، وتعتبر الأسطوانة، من بين وسائل التسجيل الأخرى، أحسن وسط لحفظ أكبر عدد ممكن من ملامح الصوت المختلفة، وإعطائها لأذن السامع، ولكن التسجيل بصفة عامة لا يمكن أن يقارن بالصوت الحقيقي الصادر عن الجهاز الإنساني، ولا سيما إذا كان المقام مقام بحث أصواتي لغوي، وذلك لسببين: أولهما أن الصوت الإنساني الحي أوضح في قيمته من تسجيله الذي على الأسطوانة، وأن هذا التسجيل ليس إلا تقليدًا غير مطابق تماما للأصل، وثانيهما أن التسجيل المسموع يعطي الطالب فرصة السماع فحسب، وأما الصوت الحي فللأذن فيه فرصة السماع، وللعين فرصة الرؤبة، إذ يلاحظ الباحث حركات شفتي المساعد، ولسانه وفكه الأسفل، وكل ما تصل إليه عينه من أعضاء نطق المساعد.
وإن عدم ملاحظة هذه الحركات في الأسطوانة المسموعة، يجعلها أحط بكثير من الصوت الطبيعي، ومما يؤخذ على التسجيل إذا قارناه بالصوت الحي، أن الطالب إذا سجل على أسطوانته أصواتا غير واضحة -وكثير ما هي- فإنه لا يستطيع أن يحصل من الأسطوانة على توضيح كاف لهذا الغموض، حتى ولو أدار هذا النطق على الأسطوانة آلاف المرات، أما إذا جاءك مساعدك أحيانا بصوت غير واضح، فإنك ستستوضحه، وسيوضح لك ما غمض في نطقه الأول. [1] أي لا بالفعل.
اسم الکتاب : مناهج البحث في اللغة المؤلف : تمام حسان الجزء : 1 صفحة : 71