responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في اللغة المؤلف : تمام حسان    الجزء : 1  صفحة : 38
التفكير إلا عنصرين هما المفكر والموضوع، يتطلب الكلام عناصر ثلاثة بجانب الكلمات؛ هي المتكلم والسامع، وموضوع الكلام.
وهذه الحقيقة توضح أن الكلام عمل اجتماعي؛ لأنه يتطلب شخصين أو أكثر على الأقل، ويجب أن نفرق هنا بين العمل الاجتماعي، والعمل الجمعي[1]، فكل نشاط كلامي فردي؛ لأنه ينبع من شخص واحد، ولكننا نعتبر النشاط الكلامي عملا اجتماعيا؛ لأنه يتطلب سامعا له نشاطه السماعي الخاص، والأساس الأول من أسس الكلام في نظره أن الأفكار، والمشاعر الفردية لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فلا يستطيع إنسان أن يفكر بعقل الآخر، ولا أن يدرك بحواسه، ولا يستطيع إنسان أن ينقل سرور من منظر ما نقلا مباشرا إلى ذهن صاحبه؛ فانعزال الحياة الداخلية للإنسان عن العالم عقوبة من عقوبات فرديته، كعدم إمكان المشاركة في الإحساس والإدراك، والعطف والفهم ممكنان، ولكن لا يستطيع عقل أن يتغلغل في عقل آخر، ولهذا كان لا بد من وجود عوض طبيعي عن هذا النقص، كلما أريد نقل شيء عقلي وعاطفي، وهذا العوض يسمى العلامات، وهي مشروطة بما يأتي:
1- أن يكون لها معنى سبق وضعه، والتواضع عليه.
2- وأن تكون موضوعات إدراكية في المتناول، يمكن نقلها بالإرادة، وكل منظمة مستقلة من هذه العلامات، تسمى "لغة" كلغة الكلام ولغة الكتابة، ولغة الإشارة، ولغة التلغراف إلخ.
ومن الواضح أن منظمة العلامات، التي يفضل النوع الإنساني أن يختارها دون بقية المنظمات، إنما هي العلامات الصوتية التي نسميها الكلمات، وما دام يجب أن تكون هذه العلامات عرضة للإنتاج السريع بحسب الإرادة، فقد كان من المحتمل أن تستغل فيها الحركات الطبيعية، التي لها صلة بردود الأفعال كتعبيرات الوجه، وحركات اليد والصيحات العاطفية، إلى جانب الأصوات نصف الإرادية والضحك، وقد بقي كل أولئك في صورة عوامل مساعدة للكلام، ومما هو بعيد عن الدقة أن يطلق لفظ "كلمة"، على ما يحدث بين المتكلم، والسامع من أصوات

[1] الجمعي من النشاط ما صدر عن جماعة، والاجتماعي ما صدر عن المجتمع، أو نسب إليه، والفرق بينهما هو الفرق بين Social activity group activity.
اسم الکتاب : مناهج البحث في اللغة المؤلف : تمام حسان    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست