وحروف الهجاء والنطق بها وأساليب الرسم.. كل ذلك يجعل من المتعذر أن ترسم كلمة أجنبية في صورة تمثل نطقها الصحيح في اللغة التي اقتبست منها؛ فينشأ من جراء ذلك أن ينطق بها معظم الناس بالشكل الذي يتفق مع رسمها في لغتهم، ويشيع هذا الأسلوب من النطق، فتصبح الكلمة غريبة كل الغرابة أو بعض الغرابة عن الأصل الذي أخذت عنه, وليس هذا مقصورًا على اللغات المختلفة في حروف هجائها كالعربية واللغات الأوروبية، بل يصدق كذلك على اللغات المتفقة في حروف الهجاء؛ كالفرنسية والإنجليزية. فجميع الكلمات الإنجليزية التي انتشرت في الفرنسية عن طريق رسمها في الصحف والمؤلفات, ينطق بها الفرنسيون في صورة لا تتفق مع أصلها الإنجليزي Boy-scout; foot ball; rugby; hockey; sterling; standard standard of Living..حتى إن كثيرًا منها لا يكاد يتبينها الإنجليزي إذا سمعها من فرنسي.
ثانيًا: حركة التجديد في اللغة
تبدو حركة التجديد المقصود في مظاهر كثيرة من أكبرها أثرًا في التطور اللغوي الأمور الآتية:
1- تأثر الأدباء والكتاب بأساليب اللغات الأجنبية، واقتباسهم أو ترجمتهم لمفرداتها مصطلحاتها، وانتفاعهم بأفكار أهلها وإنتاجهم الأدبي والعلمي, فلا يخفى ما لهذا كله من أثر بليغ في نهضة لغة الكتابة وتهذيبها واتساع نطاقها وزيادة ثروتها, والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخ الأمم الغابرة وفي العصر الحاضر؛ فأكبر قسط من الفضل في نهضة اللغة العربية في عصر بني العباس يرجع إلى انتفاع الأدباء والعلماء باللغتين الفارسية والإغريقية, فقد أخذوا في ذلك العصر يترجمون آثارهما، ويعقبون عليهما بالشرح والتعليق, ويستغلونهما في بحوثهم، ويحاكون أساليبهما، ويقتبسون منهما عددًا كبيرًا من المفردات العلمية وغيرها، ويمزجونها بمفردات لغتهم عن طريق تعريبها تارةً, وعن طريق ترجمتها تارةً أخرى، فاتسع بذلك متن اللغة العربية وازدادت مرونة