responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 224
هذا وقد اعتمدنا في التفرقة بين هاتين الفصيلتين على أمور تتصل بالقواعد لا بالمفردات, وذلك لأن ناحية القواعد هي من أهم ما تمتاز به الفصائل بعضها عن بعض؛ فمنها تتكون شخصية اللغات, وإليها ترجع مقوماتها, وهي التي تمثل المظهر الثابت المستقر في اللغات؛ فهي لا تكاد تتغير، وما يحدث فيها أحيانًا من تغير يجري دائمًا ببطءٍ وفي نطاق ضيق, وهي إلى هذا كله، لا تنتقل بطريق الاقتباس من لغة إلى أخرى[1]. فتشابه لغتين في القواعد يدل إذن على انتمائهما إلى فصيلة واحدة, واختلافهما فيها يدل على اختلاف فصيلتهما.
على حين أن المفردات تمثل المظهر المتقلب, والناحية المتنقلة في اللغات؛ فهي محاطة بعوامل كثيرة تحول دون ثباتها, وتجعلها عرضة للتغير المطرد والتطور السريع، وتذلل لها وسائل الانتقال من لغة إلى لغة, فتشابه لغتين في مفرداتهما عن الأخرى, واختلاف لغتين في مفرداتهما لا يدل على اختلاف فصيلتهما, فقد تكونان من فصيلة واحدة, ويكون السبب في هذا الاختلاف راجعًا إلى أن مفردات كل منهما قد سلكت في تطورها طريقًا يختلف عن الطريق الذي سلكته مفردات الأخرى لاختلافهما في المؤثرات المحيطة بهما, أو أن أحداهما قد اقتبست مفرداتها من لغة ثالثة لا ترطبها بها لحمة قرابة, فبعدت في هذه الناحية عن فصيلتها.
فاللغة السريانية مثلًا تعد من فصيلة اللغات السامية، مع أن قسمًا كبيرًا من مفرداتها يتحد مع مفردات اللغة الإغريقية التي تعد من أفراد الهندية - الأوروبية, وذلك لأن قواعد الأولى قواعد سامية، وقواعد

[1] سنعرض لهذا الموضوع بتفصيل في الفصل الثاني, وسنذكر فيه أن القواعد إذا انتقلت من لغة إلى أخرى كان انتقالها إيذانًا بزوال اللغة التي انتقلت إليها, واندماجها في اللغة التي انتقلت منها، وأن هذا يحدث حينما تشتبك لغتان في صراع, ويكتب لإحداهما النصر.
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست