responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 21
أو تبعًا للأهواء والمصادفات، وإنما تسير وفقًا لنواميس لا تقل في ثباتها وصرامتها واطرادها وعدم قابليتها للتخلف عن النواميس الخاضعة لها ظواهر الفلك والطبيعة. فقد يكون في استطاعة الفرد أو في استطاعة الجماعة اختراع لفظ أو تركيب، ولكن بمجرد أن يقذف بهذا اللفظ أو بهذا التركيب في التداول اللغوي وتتناقله الألسنة يفلت من إرادة مخترعة ويخضع في سيره وتطوره وحياته ... لقوانين ثابتة صارمة لا يستطيع الفرد ولا الجماعة إلى تعويقها أو تغييرها سبيلًا؛ فالكلمة الجديدة أو التركيب الجديد أشبه شيء بحجر يقذف به القاذف من جهة معينة بقوة خاصة، فإنه بمجرد أن يفارق يده يخضع في سيره لقوانين ثابتة صارمة لا يد للقاذف ولا لغيره على تعطيلها أو وقف آثارها.
ومن هذا يظهر أنه ليس في قدرة الأفراد والجماعات أن يقفوا تطور لغة ما، أو يجعلوها تجمد على وضع خاص، أو يحولوا دون تطورها على الطريقة التي ترسمها قوانين علم اللغة؛ فمهما أجادوا في وضع معجماتها وتحديد ألفاظها ومدلولاتها, وضبط قواعدها وأصواتها وكتابتها، ومهما أجهدوا أنفسهم في إتقان تعليمها للأطفال قراءةً وكتابةً ونطقًا, وفي وضع طرق ثابتة سليمة، يسير عليها المعلمون بهذا الصدد، ومهما بذلوا من قوة في محاربة ما يطرأ عليها من لحنٍ وخطأ وتحريف ... ، فإنها لا تلبث أن تحطم هذه الأغلال، وتفلت من هذه القيود، وتسير في السبيل التي تريدها على السير فيها سنن التطور والارتقاء التي ترسمها قوانين علم اللغة.
ومن ثَمَّ يظهر كذلك خطأ مَنْ يحاولون علاج تعدد اللغات بإنشاء لغة عالمية "اسبرانتو Espernato" يتحدث بها الناس من مختلف الأمم والشعوب, وذلك أن هذه اللغة الصناعية، على فرض إمكان اختراعها وإلزام الناس باستخدامها[1]، لا تلبث بعد تداولها على

[1] هذه الأمنية، وإن كانت ممكنة نظريًّا، يحول دون تحقيقها عمليًّا صعوبات جمة, سنعرض لها في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الباب الثاني.
ومع ذلك لا يزال المتعصبون لفكرة الاسبرانتو كثيرين في مختلف الأمم، ولا يزالون =
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست