responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 189
في كل طبقة وجهة تختلف عن وجهتها عند غيرها, فلا تلبث اللهجة العام أن تنشعب إلى لهجات تختلف كل منها عن أخواتها؛ في المفردات وأساليب التعبير وتكوين الجمل ودلالة الألفاظ ... وما إلى ذلك، وقد تذهب بعض اللهجات الاجتماعية بعيدًا في هذا الطريق، فيشتد انحرافها عن الأصل الذي انشعبت منه، وتتسع مسافة الخلف بينها وبين أخواتها، حتى تكاد تصبح لغة متميزة مستقلة غير مفهومة إلّا لأهلها، كما هو شأن اللهجات الفرنسية المستخدمة بين طبقات اللصوص والمجرمين وبعض طبقات العمال.
ويزداد في العادة انحراف اللهجة الاجتماعية عن أخواتها كلما كثرت الفوارق بين الطبقة الناطقة بها وبقية الطبقات، أو كانت حياة أهلها قائمة على مبدأ العزلة عن المجتمع أو على أساس الخروج على نظمه وقوانينه. ولذلك كانت في فرنسا لهجات الطبقات الدنيا من العمال، واللهجات السرية لجماعات المتصوفين والرهبان، ولهجات المجرمين واللصوص ومن إليهم، من أكثر اللهجات انحرافًا عن الأصل الذي انشعبت منه، وبعدًا عن المستوى العام لبقية اللهجات الاجتماعية الفرنسية, وكذلك الشأن في إنجلترا، حتى لقد ألف في لهجات المجرمين من الإنجليز معجمات خاصة[1].
ولا تظل اللهجات الاجتماعية جامدة على حالة واحدة، بل تسير في السبيل الارتقائي نفسه الذي تسير فيه اللهجات المحلية، فيتسع نطاقها باتساع شئون الناطقين بها ومبلغ نشاطهم، واحتكاكهم بالأجانب وبأهل الطبقات الأخرى من مواطنيهم، وما يخترعونه من مصطلحات, ويتواضعون عليه من عبارات, ويقتبسونه من اللغات الأجنبية من

[1] أخرج أريك بارتروج، أستاذ اللغة الإنجليزية، معجمًا للغة المجرمين من الإنجليز, قضى في وضعه خمس سنوات, ويقع المعجم في ثمانمائة صفحة, احتوت على جميع المصطلحات التي يستعملها اللصوص وقطاع الطريق والمجرمون الإنجليز من القرن السادس عشر حتى العصر الحاضر, وقد استعان بارتروج في إخراج مؤلفه بالبحث في ملفات القضايا الجنائية من عام 1729 حتى أواخر النصف الأول من القرن الحالي، كما استعان بكثيرين من قسس السجون, وتردد على أمكنة اجتماعات المجرمين. "انظر جريدة المصري الصادرة في 21/ 5/ 1950".
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست