الفصل الأول: تفرع اللغة إلى لهجات ولغات 1
1- انتشار اللغة وأسبابه:
تختلف اللغات الإنسانية في مبلغ انتشارها اختلافًا كبيرًا؛ فمنها ما تتاح لها فرص مواتية، فتنتشر في مناطق واسعة من الأرض، ويتكلم بها عدد كبير من الأمم الإنسانية، كما حدث للاتينية والعربية في العصور القديمة والوسطى، وللإنجليزية والأسبانية والبرتغالية والفرنسية والألمانية والتركية في العصور الحديثة, ومنها ما تسد أمامه المسالك، فيقضى عليه أن يظل حبيسًا في منطقة ضيقة من الأرض, وفئة قليلة من الناس، كما حدث للأينو[2] والسكينة[3] والليتونية[4], ومنها ما يكون حاله وسطًا بين هذا وذاك, فلا تتسع مناطقه كل السعة, ولا تضيق كل الضيق، كما هو شأن الحبشية والفارسية.
هذا ولانتشار اللغة أسباب كثيرة يرجع أهمها إلى ما يلي:
1 يطلق على هذا المبحث, أو على بعض نواحيه اسم: الدياليكتولوجيا Dialectologie, وقد تقدَّم الكلام على موضوعه وأهميته ومبلغ عناية العلماء به في صفحات 7، 61، 62. [2] يتكلم بها سكان جزر هوكادو وسخالين وشكوتان "انظر الفصل الثاني من هذا الباب، الفصيلة الثالثة، رقم 3". [3] يتكلم بها الباسكيون الذين يقطنون جبال البرانس الغربية في العدوتين الفرنسية والأسبانية "انظر رقم 12 من الفصيلة المشار إليها في آخر التعليق السابق". [4] يتكلم بها سكان ليتونيا أو لاتفيا, الذين يبلغ عددهم نحو مليونين "انظر الفصل الثاني من هذا الباب، الفصيلة الأولى رقم 8".