responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 104
الاجتماعية وتعدد حاجات الإنسان ... وما إلى ذلك, وقد ذهب إلى هذا الرأي معظم المحدثين من علماء اللغة, وعلى رأسهم العلامة وتنى[1] Whitey, وذهب إلى مثله من قبل هؤلاء كثير من فلاسفة العصور القديمة, ومن مؤلفي العرب بالعصور الوسطى؛ فقد تحدث عنه ابن جني, المتوفى عام 392هـ, أي: من نحو ألف سنة, في كتابه الخصائص في أسلوب يدل على قدمه وكثرة القائلين به من قبله[2].
فبحسب هذه النظرية يكون الإنسان قد افتتح هذه السبيل بمحاكاة أصواته الطبيعية التي تعبر عن الانفعالات؛ كأصوات الفرح والحزن والرعب وما إليها, ومحاكاة أصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة والأشياء؛ كدوي الريح وحنين الرعد, وخرير الماء, وحفيف الشجر, وجعجعة الرحى, وقعقعة الشنان, وصرير الباب, وصوت القطع والضرب ... وهلم جرَّا. وكان يقصد من هذه المحاكاة التعبير عن الشيء الذي يصدر عنه الصوت المحاكى ما زود به من قدرة على لفظ أصوات مركبة ذات مقاطع, وكانت لغته في مبدأ أمرها محدودة الألفاظ، قليلة التنوع، قريبة الشبه بالأصوات الطبيعية التي أخذت عنها, قاصرة عن الدلالة على المقصود, ولذلك كان لابد لها من ساعد يصحبها؛ فيوضح مدلولاتها, ويعين على إدراك ما ترمي إليه, وقد وجد الإنسان خير مساعد لها في الإشارات اليدوية والحركات الفطرية التي تصحب الانفعالات، فكان في مبدأ أمره مجرد محاكاة إرادية لهذه الحركات, ثم توسع الإنسان في

[1] انظر بعض مظاهر نشاطه العلمي ومؤلفاته، بصفحة 65 والتعليق الأول من تعليقاتها.
[2] انظر الجزء الأول من الخصائص صفحتي 44، 45: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعة؛ كدوي الريح, وحنين الرعد, وخرير الماء, وشحيج البغل, ونهيق الحمار, ونعيق الغراب, وصهيل الفرس, ونزيب الظبي، ثم تولدت اللغات عن ذلك فيما بعد, وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل".
اسم الکتاب : علم اللغة المؤلف : وافي، علي عبد الواحد    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست