اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 72
وكذلك ما أنشده سيبويه من قول الراجز1:
وغير سفع مثل يحامم2
باختلاس حركة الميم الأولى.
فأما ما أنشده أيضا من قوله3:
كأنها بعد كلال الزاجر ... ومسحه مر عقاب كاسر4
فقال سيبويه كلاما يظن به في ظاهره أنه أدغم الحاء في الهاء[5]، بعد أن قلب الهاء حاء، فصار في ظاهر قوله ومسح.
1 الراجز: هو غيلان بن حريث، كما ذكر سيبويه في الكتاب "2/ 448".
2 السفع: جمع سفعاء، وهي الأثفية، وسفعتها: سوادها. اللسان "3/ 2027". مادة "سفع"
والمثل: المنتصبة القائمة، جمع ماثلة، اللسان "6/ 4135". مادة "مثل".
واليحامم: جمع يحموم وهو الأسود من كل شيء، وأصلا يحاميم، حذفت الياء لضرورة الشعر، اللسان "2/ 1010" مادة "حمم" والبيت من مشطور الرجز.
والشاهد فيه: اختلاس أو إخفاء حركة الميم الأولى في "يحامم".
إعراب الشاهد: يحامم: نعت مجرور وعلامة الجر الكسرة.
3 البيت ذكره سيبويه دون أن ينسبه. انظر/ الكتاب "2/ 448".
4 كأنها: الهاء عائدة على ناقة يصفها.
والكلال: التعب. اللسان "5/ 3919". مادة "كلل".
الشرح: بين الشاعر قوة الناقة فيصفها بعد طول السير وتعب زاجرها كأنها عقاب منقضة كسرت جناحيها عند انقضاضها.
والشاهد فيه: أنه قلب الهاء حاء، وأخفاها في الحاء الأولى، وهذا ما جعله سيبويه ضربا من الإدغام، وهو يستدعي أن تنطق الحاء كأنها مشددة تشديدا خفيفا، وذلك ما دعا بعضهم أن يتصوره إدغاما كاملا، كما ترى في كلام المؤلف في دفاعه عن سيبويه.
انظر/ الكتاب "2/ 413". [5] عبارة سيبويه في الكتاب "2/ 413" هي: ومما قالت العرب في إدغام الهاء في الحاء قوله:
كأنها بعد كلال الزاجر ... ومسحي مر عقاب كاسر
يريدون: "ومسحه"، وظاهر من هذه العبارة أنه يرى أن الإدغام هو إدخال الثاني في الأول، وظاهر من عبارة ابن جني هنا، وهي: "أن أدغم الحاء في الهاء" أنه يذهب إلى أن الأول هو الذي يدغم في الثاني وهما مذهبان.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 72