اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 58
وذلك أن همزة الوصل كانت تأتي مكسورة، كما جرت العادة فيها، ولو كسرت قبلها لانقلبت الألف ياء، لانكسار ما قبلها، فكنت تقول: "اي"، فلا تصل إلى الألف التي اعتمدتها[1]. فلما لم يجز ذلك عدلوا إلى اللام من بين سائر الحروف، لما أذكره لك.
وذلك أن واضع الخط أجراه في هذا على اللفظ، لأنه أصل للخط، والخط فرع على اللفظ، فلما رآهم قد توصلوا إلى النطق بلام التعريف، بأن قدموا قبلها ألفا نحو: الغلام والجارية، لما لم يمكن الابتداء باللام الساكنة كذلك أيضا، قدم قبل الألف في "لا"، لاما، توصلا إلى النطق بالألف الساكنة، فكان في ذلك ضرب من المعاوضة[2] بين الحرفين. وهذا بإذن الله غير مشكل.
فإذا كنا قد أجمعنا إيراد حروف المعجم على ما في أيدي الناس من التأليف المشهور، أعني على غير ترتيب المخارج، وذكرها حرفا حرفا، فليس ذلك بمانع لنا سوقها على ترتيب المخارج، فإنه أوضح في البيان، ثم نعود فيما بعد إلى استقرائها على تأليف أب ت ث، إلى أن نأتي بإذن الله على جميعها. [1] اعتمدتها: اعتمد الشيء أي عليه اتكأ. مادة "عمد". اللسان "4/ 3097".
وفاعل اعتمد: ضمير يرجع إلى الألف، وها: عائد على الهمزة.
والمعني: أن الألف اعتمدت الهمزة، أي اتكأت عليها، ليمكن النطق بها. [2] المعاوضة: المبادلة، مادة "عوض". اللسان "4/ 3170".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 58