اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 324
وكذلك من قال: إخوتك قاموا، فالواو في قاموا علم الضمير والجمع، وإذا قيل قاموا إخوتك، فالواو علم الجمع مجردة من معنى الاسمية البتة، وكذلك القول في نون الجمع، نحو قولك الهندات قمن وقمن الهندات، فكما جاز لجميع هذه الأشياء أن تكون في بعض المواضع دالة على معنى الاسمية والحرفية، ثم تخلع عنها دلال الاسمية في بعض المواضع، فكذلك لا ينكر أن تكون الهاء والياء في نحو ضربه وضربني يدلان على معنى الاسمية والحرفية. فإذا قلت "إياه، وإياي" تجردتا من معنى الاسمية، وخلصتا لدلالة الحرفية.
فاعرف هذا، فإنه من لطيف ما تضمنه هذا الفصل، وبه كان أبو علي رحمه الله ينتصر لمذهب أبي الحسن ويذب[1] عنه، ولا غاية في جودة الحجاج بعده.
ونحو من الكاف في ذلك وهنالك وإياك، الكاف في قولك للرجل: هاك، وللمرأة هاك، فالكاف هنا حرف لمعنى الخطاب. ويدلك على ذلك أن معنى هاك زيدا، أي خذ زيدا، فزيد هو منصوب هذا الفعل، ولا يتعدى إلى مفعولين، وقد كنا قدمنا أن زيدا في نحو هذا لا يجوز أن يكون بدلا من الكاف لو كانت اسما، وهو أن ضمير المخاطب لا يبدل منه، فيقال: ضربتك زيدا، على أن زيدا بدل من الكاف.
ويدلك على أن الكاف في هاك وهاك حرف لا اسم، إيقاعهم موقعها ما لا يكون اسما على وجه، وذلك قولك: هاء وهاء، وعلى هذا قوله عز وجل: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] [2] وعلى هذا قالوا للاثنين: هاؤما، وللنساء هاؤن، كما يقال: هاك، وهاك، وهاكما، وهاكم، وهاكن.
وفيها لغة ثالثة، وهي أن تترك الهمزة مفتوحة على كل حال، وتلحقها كافا مفتوحة للمذكر، ومكسورة للمؤنث، فتقول: هاءك، وهاءكما، وهاءكم، وهاءك، وهاءكما، وهاءكن. [1] يذب: ينحي ويطرد ويدفع ويمنع. مادة "ذ ب ب" اللسان "3/ 1483". [2] هاؤم: خذوا، والأسلوب إنشائي في صورة أمر غرضه الفخر.
الشاهد في قوله عز وجل: {هاؤم} وهي دليل على أن الكاف في: هاك، وهاك، حرف لا اسم، ولذا يقول الرجل: هاء، هاء، هاؤما، هاؤم، هاؤن.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 324