اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 245
والوجه الآخر الذي أجازه أبو علي[1] في قوله "عن قتلا لي": أنه قال: يجوز أن يكون أراد "أن قتلا لي" أي أن قتلتني قتلا، فأبدل الهمزة عينا. فهذا أيضا من عنعنة تميم.
وقولهم "عنعنة" مشتق من قولهم "عن، عن، عن" في كثير من المواضع، ومجيء النون في العنعنة يدل على أن إبدالهم إياها إنما هو في همزة "أن" دون غيرها. وقد اشتقت العرب أفعالا ومصادر من الحروف.
أخبرني أبو علي أن بعضهم قال: سألتك حاجة فلاليت لي، وسألتك حاجة فلوليت لي، أي قلت لي في الأول: لا، وفي الثاني: لولا. وقد اشتقوهما أيضا من الأصوات، قالوا: بأبأ الصبي أبوه: إذا قال له: بأبي، وبأبأه الصبي إذا قال له: بابا. وقال الفراء: بأبأت بالصبي بئباء: إذا قلت له: بئبا[2].
وقالوا: صهصهت بالرجل: إذا قلت له: صه[3] صه. وقد قالوا أيضا: صهصيت، فأبدلوا الياء من الهاء، كما قالوا: دهديت الحجر، وأصله دهدهته[4] والدلالة على أنه من الهاء قولهم دهدوهة الجعل لدحروجته.
وقال أبو النجم:
كأن صوت جرعها المستجل ... جندلة دهديتها في جندل5 [1] أبو علي هو أبو علي الفارسي، عالم نحوي عربي. [2] في لسان العرب مادة "بأبأ" "1/ 198": وقال الفراء: بأبأت بالصبي بئباء، إذا قلت له: بأبي، وفيه أيضا إذا قلت: بأبي أنت، فالباء في أول الاسم حرف جر بمنزلة اللام في قولك: لله أنت، فإذا اشتققت منه فعلا اشتقاقا صوتيا، استحال ذلك التقدير فقلت: بأبأت به بئباء، وقد أكثرت من البأبأ، فالباء الآن في لفظ الأصل وإن كان قد علم أنها فيما اشتقت منه زائدة للجر، وعلى هذا منها "البأب" فصار فعلا من باب سلس وخلق، قال:
يا بأبي أنت ويا فوق البئب
فالبئب الآن بمنزلة الضلع والعنب. [3] صه: اسم فعل أمر بمعنى اسكت. [4] دهدهته: أي دحرجته. مادة "د. هـ. د". اللسان "2/ 1437".
5 الضمير في جرعها: لعله عائد إلى الناقة.
والجندل: الحجارة، الواحدة: جندلة. مادة "ج ن د ل" اللسان "1/ 699".
يقول: إن لجرعها الماء قعقعة تشبه صوت وقوع بعض الحجارة على بعض.
الشاهد: "جندلة دهديتها في جندل".
إعراب الشاهد: جندلة: خبر كأن مرفوع.
دهديتها: فعل وفاعل ومفعول. في جندل: جار ومجرور.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 245