اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 229
باب الطاء:
اعلم أن الطاء حرف مجهور مستعل، يكون أصلا وبدلا، ولا يكون زائدا.
فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما، فالفاء نحو: طبل وطحن، والعين نحو: فطر وخطب، واللام نحو: قرط وقرط[1].
وأما البدل فإن تاء "افتعل" إذا كانت فاؤه صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء، يقلب طاء البتة، لابد من ذلك، كما لا بد من إعلال نحو: قال وباع البتة، وذلك قولك من الصبر اصطبر، ومن الضرب اضطرب، ومن الطرد اطرد، ومن الظهر اظطهر بحاجتي.
وأما اطرد فليس الإبدال فيه من قبل الإدماغ، وإنما هو لأن قبلها حرفا مطبقا، ألا ترى إلى اصطبر واضطرب واضطهر مبدلا ولا إدغام فيه.
وأصل هذا كله اصتبر واضترب واطترد واظتهر، ولكنهم لما رأوا التاء بعد هذه الأحرف، والتاء مهموسة، وهذه الأحرف مطبقة[2]، والتاء مخفتة، قربوها من لفظ الصاد والضاد والطاء، بأن قلبوها إلى أقرب الحروف منهن، وهو الطاء، لأن الطاء أخت التاء في المخرج، وأخت هؤلاء الأحرف في الإطباق والاستعلاء، وقلبوها مع الطاء طاء أيضا، لتوافقها في الجهر والاستعلاء، وليكون الصوت متفقا، ومنهم من يقلب التاء إلى لفظ ما قبلها، فيقول اصضبر ومصبر، واضرب ومضرب، واظهر ومظهر، وقرأ بعضهم "أن يصلحا"، يريد يصطلحا.
ومنهم من إذا كانت الفاء ظاء أبدل التاء طاء، ثم أبدل الظاء طاء، وأدغم الطاء في الطاء، فيقول اطهر بحاجتي، وظلمته فاطلم، وذلك لما بين الظاء والطاء من المقاربة في الإطباق والاستعلاء، ومن أجاز هذ القول فقال اطلم لم يجزه مع الصاد ولا مع الضاد، لا تقول في اصطبر: اطبر، ولا في اضطرب: اطرب. وذلك لأن [1] قرط: قرط الصبية ألبسها القرط, وعلى فلان: أعطاه قليلا قليلا. مادة "قرط". [2] الإطباق: أن ترفع في النطق طرفي اللسان إلى الحنك الأعلى مطبقا فيفخم نطق الحرف، وحروف الإطباق هي: "ص، ض، ط، ظ". مادة "طبق". اللسان "4/ 2637".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 229