اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 223
فجمع بين اللغتين، وذهب الأصمعي إلى أن آن مقلوب عن أني، وأن أني هو الأصل، واستدل على ذلك بوجوده مصدر أني في الكلام، لقوله تعالى: {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاه} [1] أي بلوغه وإدراكه، ولم يجد لآن مصدرا، فلما وجد لأني أصلا وهو المصدر، وجده بذلك أعم تصرفا، ولم يجد لآن مصدرا، فقل بذلك تصرفه، قضى لأني بأنه أصل لآن، وأما أبو زيد فقال: هما أصلان، وأثبت لآن مصدرا، وقال: يقال: أن الشيء أينا، فكل واحد منهما اتبع ما سمع، وقضى لنفسه بما صح عنده.
وتبع ابن السكيت أبا زيد فقال: آن أينا. وأخبرنا أبو علي عن أحمد بن يحيى[2] عن ابن الأعرابي قال: يقال: إني وإنى، وحسي وحسى، ومعي ومعى. قال: وحكى أبو الحسن: إنو في إني. قال أبو علي: وهذا كقولهم جبيت الخراج جباوة، أبدلت الواو من الياء، ومثله الحيوان في قول الخليل[3]، لأن أصله عنده الحييان، وكأنهم إنما استجازوا قلب الياء واوا لغير علة، وإن كانت الواو أثقل من الياء، ليكون ذلك عوضا للواو من كثرة دخول الياء وغلبتها عليها، وليختلف الحرفان فيخفا.
وإذا كان بعد السين غين أو خاء أو قاف أو طاء، جاز قلبها صادا، وذلك قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُون} ويصاقون، و {مَسَّ سَقَر} وصقر، {وَسَخَّر} وصخر، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَه} وأصبغ، "وسراط" وصراط.
وقالوا في سقت صقت، وفي سويق صويق. [1] إناه: أي بلوغه وإدراكه. مادة "أن ي" اللسان "1/ 161".
الآية: استشهد بها الأصمعي إلى أن الفعل "أنى" هو الأصل لـ"آن" لأن "أنى" ورد مصدرها أما "آن" فلم يرد لها مصدر. [2] أحمد بن يحيى: ثعلب رأس المدرسة الكوفية في النحو. [3] الخليل: هو الخليل بن أحمد الفراهيدي راس المدرسة البصرية.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 223