اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 202
وكذلك قولهم: قرب حذحاذ، وحثحاث: إذا كان سريعا، وهو طلب الماء، ليس أحدهما بدلا من صاحبه، لأن حثحاثا من قول تأبط شرا:
كأنما حثحثوا حصا قوادمه ... أو أم خشف بذي شث وطباق1
أي أسرعوا به، وحذحاذ: من معنى الشيء الأحذ، ويقال: صريمة[2] حذاء: إذا كانت ماضية، وحذحاذ وإن لم تكن من لفظ أحذ، فإنها قريبة منه، ولا تجد هذين اللفظين إلا بمعنى واحد، وذلك نحو: ململت ومللت، ورقرقت ورققت، ألا ترى أن اتفاق معنيهما قد حمل البغداديين على أن قالوا إن الأصل في حثحثت: حثثت، وفي رقرقت: رققت.
وقرأت على أبي على عن أبي بكر عن العباس للفرزدق3:
تفيهق بالعراق أبو المثنى ... وعلم أهله أكل الخبيص
أأطعمت العراق ورافديه ... فزاريا أحذ يد القميص4
يصفه بالغلول وسرعة اليد، ومن هنا سمى الخليل "فعلن" في الكامل[5]: أحذ، لأن أصله "متفاعلن"، فلما حذف الوتد من آخره، وبقي "متفا"، فنقل إلى "فعلن". فلما قطع آخر الجزء، قل وأسرع انقضاؤه وفناؤه، فسماه أحذ لذلك.
1 سبق شرح هذا البيت. [2] الصريمة: العزيمة. مادة "ص ر م" اللسان "4/ 2438".
3 الفرزدق: أبو فراس همام بن غالب التميمي الدرامي، ولد سنة 19هـ وتوفي سنة 114هـ ونشأ بين البصرة والبادية، ومدح الخلفاء وكان مقربا منهم. [5] في البيتين يعاتب الفرزدق يزيد بن عبد الملك في تقديم أبي المثنى عمر بن هبيرة الفزاري على العراق ويهجو ابن هبيرة.
تفيهق: توسع وتفتح بالبزخ. مادة "ف ق هـ" اللسان "5/ 3450".
الخبيص: نوع من الحلواء، مخبوص أي مخلوط. والرافدان: دجلة والفرات.
ورجل أحذ: سريع اليد خفيفها، كناية عن الغلول والخيانة في المغانم. وقيل الأحذ: المقطوع، كناية عن قصر اليد عن نيل المعالي، ولا يحسن بمن هذه صفته أن يتولى إمارة العراق.
الشاهد: شرحه ابن جني في المتن. [5] الكامل: بحر من بحور الشعر وزنه - متفاعلن ست مرات.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 202