اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 138
ويؤكد عندك أيضا أن الواو التي بمعنى مع جارية مجرى حرف العطف، وأنها لا توقع إلا في الأماكن التي لو عطف بها فيها لصلح ذلك، امتناع العرب والنحويين من إجازتهم: انتظرتك وطلوع الشمس، أي مع طلوع الشمس.
قالوا: وإنما لم يجز ذلك: لأنك لو رمت هنا أن تجعلها عاطفة، فتقول: انتظرتك وطلوع الشمس فترفع الطلوع عطفا على التاء، لم يجز، لأن طلوع الشمس لا يجوز منه انتظار أحد، كما يجوز أن تقول: قمت وزيد، فتعطف زيدا على التاء، لأنه قد يجوز من زيد القيام.
فهذا مذهب من الوضوح على ما تراه[1].
وعلى أن أبا الحسن[2] قد كان يذهب في المفعول معه إلى أن انتصابه انتصاب الظرف. قال: وذلك أن الواو في قولك: قمت وزيدا، إنما هي واقعة موقع مع، فكأنك قلت: قمت مع زيد، فلما حذفت "مع" وقد كانت منتصبة على الظرف، ثم أقمت الواو مقامها، انتصب زيد بعدها على معنى انتصاب مع الواقعة الواو موقعها، وإذا كان ذلك كذلك، وقد كانت مع منصوبة بنفس قمت بلا وساطة فكذلك يكون انتصاب زيد بعد الواو المقامة مقامها جاريا مجرى انتصاب الظروف، والظروف مما يتناولها قمت بلا وساطة حرف، فكأن الواو الآن على مذهب أبي الحسن، ليست موصلة لقمت إلى زيد، كما يقول كافة أصحابنا[3]، وإنما هي مصلحة لزيد أن ينتصب بتوسطها انتصاب الظرف، وليست موصلة للفعل إلى ما بعده إيصال حروف الجر الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها، فلذلك لم يجر بالواو في المفعول معه. فهذا حال الواو. [1] هذا الذي يراه المؤلف من أن واو المعية تجري مجرى حروف العطف، وأن حروف العطف تصلح أن تقع مكانها مخالف لرأي جمهور النحاة والذي يمثله ابن هشام في تعريف المفعول معه فيقول: "المفعول معه" وكل اسم فضل وقع بعد واو بمعنى مع وتقدمه فعل أو شبهه، ولم يصح عطفه على ما قبله". انظر/ ابن عقيل.
والجملة الأخيرة في التعريف مخالفة تماما لما ذهب إليه ابن جني. [2] أبو الحسن: هو سعيد بن مسعدة المجاشعي "الأخفش الأوسط". [3] كافة أصحابنا: يقصد النحاة البصريين.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 138