اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 126
فإن قال قائل: ولم اختيرت الهمزة ليقع الابتداء بها، دون غيرها من سائر الحروف، نحو الجيم والطاء وغيرهما.
فالجواب أنهم إنما أرادوا حرفا يتبلغ به في الابتداء، ويحذف في الوصل، للاستغناء عنه بما قبله، فلما اعتزموا على حرف يمكن حذفه واطراحه[1] مع الغنى عنه، جعلوه الهمزة، لأن العادة فيها في أكثر الأحوال حذفها للتخفيف، وهي مع ذلك أصل، فكيف بها إذا كانت زائدة، ألا تراهم حذفوها أصلا في نحو: خذ وكل ومر وويلمه[2] وناس[3] والله[4] في أحد قولي سيبويه.
وقالوا: ذن لا أفعلن، فحذفوا همزة إذن.
وقال الآخر5:
وكان حاملكم منا وافدكم ... وحامل المين بعد المين والألف6
أراد المئين، فحذف الهمزة، وأراد الألف، فحرك اللام ضرورة، وقالوا: جا يجي، وسا يسو، بلا همز، وله نظائر ولو، أنهم زادوا في مكانها غيرها، لما أمكن حذفه، لأنه لم يحذف غيرها من الحروف كما حذفت هي، فكانت الهمزة بالزيادة في الابتداء أحرى من سار الحروف. [1] اطراحه: يقصد حذفه. اللسان "4/ 2651". مادة "طرح". [2] ويلمه: أصلها: ويل أمه، فأسقطت الهمزة، وجعلت الكلمتان كأنها كلمة واحدة، وسيرد ذلك في المتن بعد ذلك. [3] ناس أصلها: أناس. [4] أصل "الله" عنده: الإله.
5 لم نعثر على قائل البيت.
6 وقد بين المؤلف المراد بالمين والألف، فالمين أريد بها المئين، بحذف الهمزة، وأراد بالألف، بوزن سبب، الألف، فحرك اللام ضرورة، ولكن صاحب اللسان قال: أراد الآلاف، فحذف للضرورة.
وبين القولين فرق: فإنه في نظر المؤلف مفرد، والضرورة دعت إلى تحريك اللام، وفي كلام صاحب اللسان هو جمع، والضرورة دعت إلى حذف الألفين، الألف التي بعد الهمزة، والألف التي بعد اللام.
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 126