responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 103
فالجواب: أنهم إنما فعلوا ذلك في فعلى، لأنهم قد قلبوا لام "الفعلى" إذا كانت اسما وكانت لامها واوا، ياء، طلبا للخفة، وذلك نحو الدنيا والعليا والقصيا، وهي من دنوت، وعلوت وقصوت[1]، فلما قلبوا الواو ياء في هذا وفي غيره، مما يطول تعداده، عوضوا الواو من غلب الياء عليها في أكثر المواضع، بأن قلبوها في نحو البقوى والثنوى واوا، ليكون ذلك ضربا من التعويض والتكافؤ بينهما، فاعرفه، فإن أصحابنا[2] استظرفوا هذا الفصل من التصريف، وعجبوا منه، ثم إنه قد حكي عنهم "العواء" بالمد، في هذا المنزل.
والقول عندي في ذلك: أنه زاد للمد ألفا قبل ألف التأنيث، التي في العوى، فصار التقدير" العوا ا" بألفين، كما ترى ساكنتين، فقلبت الآخرة التي هي علم التأنيث همزة، لما تحركت لالتقاء الساكنين، والقول فيها: القول في حمراء وصحراء وصلفاء وخبراء.
فإن قيل: فلما نقلت من فعلى إلى فعلاء، فزال القصر عنها، هلا ردت إلى القياس، فقلبت الواو ياء، لزوال وزن فعلى المقصورة كما يقال: رجل ألوى وامرأة لياء[3]؟ فهلا قالوا على هذا العياء؟
فالجواب أنهم لم يبنوا الكلمة على أنها ممدودة البتة، ولو أرادوا ذلك لقالوا العياء، وأصلها العوياء، كما قالوا امرأة لياء، وأصلها لوياء، ولكنهم إنما أرادوا القصر الذي في العوى، ثم إنهم اضطروا إلى المد في بعض المواضع ضرورة، فبقوا الكلمة بحال الأولى، من قبل الياء التي هي لام واوا، وكان تركهم القلب بحاله أدل شيء على أنهم لم يعتزموا المد البتة، وأنهم إنما اضطروا إليه، فركبوه وهم بالقصر معنيون، وله ناوون.
فهذه جملة من القول على همزة التأنيث، وصحة الدلالة على كونها منقلبة عن الألف، فاعرفه، فقلما أفصح أصحابنا هذا الإفصاح عنه.

[1] قصوت: بعدت. مادة "ق ص ا". اللسان "5/ 3657".
[2] أصحابنا: يقصد البصريين.
[3] اللياء: معوجة الظهر. مادة "لوي". اللسان "5/ 4109".
اسم الکتاب : سر صناعة الإعراب المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست