responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درة الغواص في أوهام الخواص المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 216
لذَلِك فِي أَيَّامه، فَلَمَّا مَاتَ يزِيد، وأفضت الْخلَافَة إِلَى هِشَام خفته، فَمَكثت فِي بَيْتِي سنة لَا أخرج إِلَّا لمن أَثِق بِهِ من إخْوَانِي سرا، فَلَمَّا لم أسمع أحدا يذكرنِي فِي السّنة أمنت، وَخرجت فَصليت الْجُمُعَة فِي الرصافة، فَإِذا شرطيان قد وَقفا عليّ، فَقَالَا: يَا حَمَّاد اجب الْأَمِير يُوسُف بن عمر، فَقلت فِي نَفسِي: من هَذَا كنت أَخَاف، فَقلت: هَل لَكمَا أَن تدعاني حَتَّى آتِي أَهلِي فأودعهم وداع من لَا يرجع إِلَيْهِم أبدا، ثمَّ أصير مَعَكُمَا إِلَيْهِ فَقَالَا: مَا إِلَى ذَلِك من سَبِيل.
فاستسلمت فِي أَيْدِيهِمَا وصرت إِلَى يُوسُف بن عمر، وَهُوَ فِي الإيوان الْأَحْمَر، فَسلمت عَلَيْهِ، فَرد عليّ السَّلَام وَرمى إليّ كتابا فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
من عبد الله هَاشم أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى يُوسُف بن عمر، أما بعد، فَإِذا قَرَأت كتابي هَذَا فَابْعَثْ إِلَى حَمَّاد الراوية من يَأْتِيك بِهِ من غير تروع وَلَا تتعتع، وادفع إِلَيْهِ خَمْسمِائَة دِينَار وجملا مهريا يسير عَلَيْهِ اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة إِلَى دمشق، فَأخذت الدَّنَانِير وَنظرت، فَإِذا جمل مرحول، فَجعلت رجْلي فِي الغرز وسرت اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة، حَتَّى وافيت دمشق، وَنزلت على بَاب هِشَام، فاستأذنت فَأذن لي، فَدخلت عَلَيْهِ فِي دَار قورآء، مفروشة بالرخام، وَبَين كل رخامتين قضيب من ذهب، وَهِشَام جَالس على طنفسة حَمْرَاء، وَعَلِيهِ ثِيَاب حمر من الْخَزّ، وَقد تضمخ بالمسك والعنبر، فَسلمت، فَرد عَليّ السَّلَام، واستدناني، فدنوت إِلَيْهِ حَتَّى قبلت رجله، فَإِذا جاريتان لم أر مثلهمَا قطّ، وَفِي أُذُنِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حلقتان، فيهمَا لؤلؤتان تتوقدان، فَقَالَ لي: كَيفَ أَنْت يَا حَمَّاد وَكَيف حالك قلت: بِخَير يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: أَتَدْرِي فيمَ بعثت إِلَيْك قلت: لَا، قَالَ: بعثت إِلَيْك لبيت خطر ببالي لم أدر من قَائِله، قلت وَمَا هُوَ فَقَالَ:
(ودعوا بالصبوح يَوْمًا فَجَاءَت ... قينة فِي يَمِينهَا إبريق)
فَقلت: يَقُوله عدي بن زيد فِي قصيدة لَهُ، قَالَ: أنشدنيها، فَأَنْشَدته:
(بكر العاذلون فِي وضح الصُّبْح ... يَقُولُونَ لي أما تستفيق)
(ويلومون فِيك يَا ابْنة عبد الله ... وَالْقلب عنْدكُمْ موهوق)
(لست أَدْرِي إِذْ أَكْثرُوا العذل فِيهَا ... أعدو يلومني أم صديق)

اسم الکتاب : درة الغواص في أوهام الخواص المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست