responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درة الغواص في أوهام الخواص المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 213
[179] وَيَقُولُونَ للرجل المضيع لأَمره، المتعرض لاستدراكه بعد فَوته: الصَّيف ضيعت اللَّبن، وبفتح التَّاء، وَالصَّوَاب أَن يُخَاطب بِكَسْرِهَا، وَإِن كَانَ مذكرا، لِأَنَّهُ مثل والأمثال تحكى على أصل صيغتها وأولية وَضعهَا، وَهَذَا الْمثل وضع فِي الِابْتِدَاء بِكَسْر التَّاء لمخاطبة الْمُؤَنَّث بِهِ، وَأَصله أَن عمرا ابْن عَمْرو بن عدس كَانَ تزوج ابْنة عَم أَبِيه دختنوس بنت لَقِيط بن زُرَارَة بَعْدَمَا أسنّ، وَكَانَ أَكثر قومه مَالا، ففركته وَلم تزل تسأله الطَّلَاق حَتَّى طَلقهَا، فَتَزَوجهَا عُمَيْر بن معبد ابْن زُرَارَة، وَكَانَ شَابًّا مملقا، فمرت بهَا ذَات يَوْم إبل عَمْرو، وَكَانَت فِي ضرّ، فَقَالَت لخادمتها: قولي لَهُ: ليسقنا من اللَّبن، فَلَمَّا أبلغته قَالَ لَهَا: الصَّيف ضيعت اللَّبن، فَلَمَّا أدَّت جَوَابه إِلَيْهَا ضربت بِيَدِهَا على كتف زَوجهَا وَقَالَت: هَذَا ومذقه خير، وَإِنَّمَا خص الصَّيف بِالذكر لِأَنَّهَا كَانَت سَأَلته الطَّلَاق فِيهِ، فَكَأَنَّهَا يَوْمئِذٍ ضيعت اللَّبن.
وينخرط فِي هَذَا السلك مَا أنشدته فِي أَبْيَات الْمعَانِي.
(قَالَت لَهُ وَهُوَ بعيش ضنك ... لَا تكثري لومي وخلي عَنْك)
وَمَعْنَاهُ أَن هَذَا الرجل الْمُخَاطب كَانَ يبذر فِي مَاله، فَإِذا عذلته زَوجته على إسرافه قَالَ لَهَا: لَا تكثري لومي وخلي عَنْك، فَلَمَّا نفذ مَاله، وَسَاءَتْ حَاله، قَالَت لَهُ: أما تذكر قَوْلك عِنْد نصحي لَك: لَا تكثري لومي وخلي عَنْك وقصدت أَن تندمه على إِضَاعَة مَاله، وَتبين لَهُ فيالة رَأْيه.
وَمن أوهامهم فِي هَذَا الْفَنّ أَنهم ينشدون بَيت ذِي الرمة:
(سَمِعت: النَّاس ينتجعون غيثا ... فَقلت لصيدح: انتجعي بِلَالًا)

اسم الکتاب : درة الغواص في أوهام الخواص المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست